وإن جندنا لهم الغالبون، أو وأنتم الأعلون شأناً لأن قتالكم لله ولإعلاء كلمته وقتاً لهم للشيطان ولإعلاء كلمة الكفر، أو لأن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة : ٩١] متعلق بالنهي أي ولا تهنوا إن صح إيمانكم يعني أن صحة الإيمان توجب قوة القلب والثقة بوعد الله وقلة المبالاة بأعدائه، أو بـ الأعلون أي إن كنتم مصدقين بما يعدكم الله به ويبشركم به من الغلبة.
﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ﴾ [آل عمران : ١٤٠] بضم القاف حيث كان : كوفي غير حفص.
ويفتح القاف : غيرهم.
وهما لغتان كالضعف والضعف.
وقيل : بالفتح الجراحة وبالضم ألمها ﴿ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ﴾ [آل عمران : ١٤٠] أي إن نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم قبله يوم بدر، ثم لم يضعف ذلك قلوبهم ولم يمنعهم عن معاودتكم إلى القتال فأنتم أولى أن لا تضعفوا ﴿ وَتِلْكَ ﴾ مبتدأ ﴿ الايَّامِ ﴾ صفته والخبر ﴿ نُدَاوِلُهَا ﴾ نصرفها ﴿ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء : ٥٨] أي نصرف ما فيها من النعم والنقم نعطي لهؤلاء تارة وطوراً لهؤلاء كبيت الكتاب :
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٦٩
فيوماً علينا ويوماً لنا
ويوماً نساء ويوماً نسر
﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [آل عمران : ١٤٠] أي نداولها لضروب من التدبير وليعلم الله المؤمنين مميزين بالصبر والإيمان من غيرهم كما علمهم قبل الوجود ﴿ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ ﴾ [آل عمران : ١٤٠] وليكرم ناساً منكم بالشهادة يريد المستشهدين يوم أحد، أو ليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة من قوله ﴿ لِّتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة : ١٤٣] (البقرة : ٣٤١) ﴿ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّـالِمِينَ ﴾ [آل عمران : ٥٧] اعتراض بين بعض التعليل وبعض، ومعناه والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإيمان المجاهدين في سبيله وهم المنافقون والكافرون ﴿ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [آل عمران : ١٤١] التمحيص : التطهير والتصفية ﴿ وَيَمْحَقَ الْكَـافِرِينَ ﴾ [آل عمران : ١٤١] ويهلكهم يعني إن كانت الدولة على المؤمنين فللتمييز والاستشهاد والتمحيص، وإن كانت على الكافرين فلمحقهم ومحو آثارهم }
٢٧٦
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ﴾ [البقرة : ٢١٤] أم منقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار أي لا تحسبوا ﴿ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَـاهَدُوا مِنكُمْ ﴾ [آل عمران : ١٤٢] أي ولما تجاهدون لأن العلم متعلق بالمعلوم فنزل نفي العلم منزلة نفي متعلقة لأنه منتف بانتفائه، تقول : ما علم الله في فلان خيراً أي ما فيه خير حتى يعلمه.
ولما بمعنى " لم " إلا أن فيه ضرباً من التوقع فدل على نفي الجهاد فيما مضى وعلى توقعه فيما يستقبل ﴿ وَيَعْلَمَ الصَّـابِرِينَ ﴾ [آل عمران : ١٤٢] نصب بإضمار " أن " والواو بمعنى الجمع نحو " لا تأكل السمك وتشرب اللبن "، أو جزم للعطف على يعلم الله، وإنما حركت الميم لالتقاء الساكنين واختيرت الفتحة لفتحة ما قبلها.
﴿ وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ ﴾ [آل عمران : ١٤٣] خوطب به الذين لم يشهدوا بدراً وكانوا يتمنون أن يحضروا مشهداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم لينالوا كرامة الشهادة، وهم الذين ألحوا على رسول الله في الخروج إلى المشركين وكان رأيه في الإقامة بالمدينة، يعني وكنتم تمنون الموت قبل أن تشاهدوه وتعرفوا شدته
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٦٩


الصفحة التالية
Icon