﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٥] انهزموا ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ [آل عمران : ١٥٥] جمع محمد عليه السلام وجمع أبي سفيان للقتال بأحد ﴿ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَـانُ ﴾ [آل عمران : ١٥٥] دعاهم إلى الزلة وحملهم عليها ﴿ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ﴾ [آل عمران : ١٥٥] بتركهم المركز الذي أمرهم رسول الله بالثبات فيه فالإضافة إلى الشيطان لطف وتقريب والتعليل بكسبهم وعظ وتأديب.
وكان أصحاب محمد عليه السلام تولوا عنه يوم أحد إلا ثلاثة عشر رجلاً منهم أبو بكر وعلي وطلحة وابن عوف وسعد بن أبي وقاص والباقون من الأنصار ﴿ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٥] تجاوز عنهم ﴿ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ﴾ [البقرة : ٢٣٥] للذنوب ﴿ حَلِيمٌ ﴾ لا يعاجل بالعقوبة ﴿ حَلِيمٌ * يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ كابن أبيّ وأصحابه ﴿ وَقَالُوا لاخْوَانِهِمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٦] أي في حق إخوانهم في النسب أو في النفاق ﴿ إِذَا ضَرَبُوا فِى الارْضِ ﴾ [آل عمران : ١٥٦] سافروا فيها للتجارة أو غيرها ﴿ أَوْ كَانُوا غُزًّى ﴾ [آل عمران : ١٥٦] جمع غازٍ كعافٍ وعفّى وأصابهم موت أو قتل ﴿ لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَالِكَ حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٦] اللام يتعلق بـ " لا تكونوا " أي لا تكونوا كهؤلاء في النطق بذلك القول واعتقاده ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم خاصة ويصون منها قلوبكم، أو بـ قالوا " أي قالوا ذلك واعتقدوه ليكون ذلك حسرة في قلوبهم والحسرة الندامة على فوت المحبوب ﴿ وَاللَّهُ يُحْىِ وَيُمِيتُ ﴾ [آل عمران : ١٥٦] رد لقولهم " إن القتال يقطع الآجال " أي الأمر بيده قد يحيي المسافر والمقاتل.
ويميت المقيم والقاعد
٢٨٤
﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة : ٢٦٥] فيجازيكم على أعمالكم.
يعملون مكي وحمزة وعلي أي الذين كفروا.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٧٩
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٥
﴿ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٧] متم وبابه بالكسر : نافع وكوفي غير عاصم، تابعهم حفص إلا في هذه السورة كأنه أراد الوفاق بينه وبين قتلتم.
غيرهم : بضم الميم في جميع القرآن، فالضم من مات يموت، والكسر من مات يمات كخاف يخاف فكما تقول خفت تقول مت ﴿ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ ما بمعنى الذي والعائد محذوف وبالياء : حفص ﴿ وَلَـاـاِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لالَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [آل عمران : ١٥٨] لإلى الرحيم الواسع الرحمة المثيب العظيم الثواب تحشرون.
ولوقوع اسم الله في هذا الموضع مع تقديمه وإدخال اللام على الحرف المتصل به شأن غني عن البرهان.
لمغفرة جواب القسم وهو ساد مسد جواب الشرط، وكذلك لالى الله تحشرون كذب الكافرين أولاً في زعمهم أن من سافر من إخوانهم أو غزا لو كان بالمدينة لما مات، ونهي المسلمين عن ذلك لأنه سبب التقاعد عن الجهاد ثم قال لهم : ولئن تم عليكم ما تخافونه من الهلاك بالموت أو القتل في سبيل الله فإن ما تنالونه من المغفرة والرحمة بالموت في سبيل الله خير مما تجمعون من الدنيا، فإن الدنيا زاد المعاد فإذا وصل العبد إلى المراد لم يحتج إلى الزاد.
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٩] ما مزيدة للتوكيد والدلالة على أن لينه لهم ما كان إلا برحمة من الله.
ومعنى الرحمة ربطه على جأشه وتوفيقه للرفق والتلطف بهم ﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا ﴾ [آل عمران : ١٥٩] جافياً ﴿ غَلِيظَ الْقَلْبِ ﴾ [آل عمران : ١٥٩] قاسيه ﴿ انفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ لتفرقوا عنك حتى لا يبقى حولك أحد منهم ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٩] ما كان منهم يوم أحد مما يختص بك ﴿ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ ﴾ [النور : ٦٢] فيما يختص بحق الله إتماماً للشفقة عليهم
٢٨٥