عنه، وكانوا واقفين على أحواله في الصدق والأمانة فكان ذلك أقرب لهم إلى تصديقه، وكان لهم شرف بكونه منهم.
وفي قراءة رسول الله من أنفسهم أي من أشرفهم ﴿ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَـاتِهِ ﴾ [آل عمران : ١٦٤] أي القرآن بعدما كانوا أهل جاهلية لم يطرق أسماعهم شيء من الوحي ﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ ويطهرهم بالإيمان من دنس الكفر والطغيان أو يأخذ منهم الزكاة ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [آل عمران : ١٦٤] القرآن والسنة ﴿ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ ﴾ [الروم : ٤٩] من قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلّم ﴿ لَفِى ضَلَـال ﴾ [الشورى : ١٨] عمى وجهالة ﴿ مُّبِينٌ ﴾ ظاهر لا شبهة فيه إن مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية والتقدير : وإن الشأن والحديث كانوا من قبل في ضلال مبين.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٥
﴿ أَوَ لَمَّآ أَصَـابَتْكُم مُّصِيبَةٌ ﴾ [آل عمران : ١٦٥] يريد ما أصابهم يوم أحد من قتل سبعين منهم ﴿ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا ﴾ [آل عمران : ١٦٥] يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين وهو في موضع رفع صفة لـ " مصيبة " ﴿ قُلْتُمْ أَنَّى هَـاذَا ﴾ [آل عمران : ١٦٥] من أين هذا ﴿ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران : ١٦٥] لاختياركم الخروج من المدينة أو لترككم المركز.
لما نصب بـ " قلتم " وأصابتكم في محل الجر بإضافة لما إليه وتقديره : أقلتم حين أصابتكم.
وأنى هذا نصب لأنه مقول والهمزة للتقرير والتقريع، وعطفت الواو هذه الجملة على ما مضى من قصة أحد من قوله : ولقد صدقكم الله وعده.
أو على محذوف كأنه قيل : أفعلتم كذا وقلتم حينئذ كذا ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة : ٢٠] يقدر على النصر وعلى منعه.
﴿ وَمَآ أَصَـابَكُم ﴾ [الشورى : ٣٠] ما بمعنى " الذي " وهو مبتدأ ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ [آل عمران : ١٥٥] جمعكم وجمع المشركين بأحد والخبر ﴿ فَبِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [الحشر : ٥] فكائن بأذن الله أي بعلمه وقضائه ﴿ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾ وهو كائن ليتميز المؤمنون والمنافقون وليظهر
٢٨٨
إيمان هؤلاء ونفاق هؤلاء ﴿ وَقِيلَ لَهُمْ ﴾ [الشعراء : ٩٢] للمنافقين وهو كلام مبتدأ ﴿ تَعَالَوْا قَـاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ١٦٧] أي جاهدوا للآخرة كما يقاتل المؤمنون ﴿ أَوِ ادْفَعُوا ﴾ [آل عمران : ١٦٧] أي قاتلوا دفعاً على أنفسكم وأهليكم وأموالكم إن لم تقاتلوا للآخرة.
وقيل : أو ادفعوا العدو بتكثيركم سواد المجاهدين إن لم تقاتلوا لأن كثرة السواد مما تروع العدو ﴿ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا اتَّبَعْنَـاكُمْ ﴾ أي لو نعلم ما يصح أن يسمى قتالاً لاتبعناكم يعنون أن ما أنتم فيه لخطإ رأيكم ليس بشيء، ولا يقال لمثله قتال إنما هو إلقاء النفس في التهلكة ﴿ اتَّبَعْنَـاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَـاـاِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلايمَـانِ ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٥