آل عمران : ١٦٧] يعني أنهم كانوا يتظاهرون بالإيمان قبل ذلك وما ظهرت منهم أمارة تؤذن بكفرهم، فلما انخذلوا عن عسكر المؤمنين وقالوا ما قالوا تباعدوا بذلك عن الإيمان المظنون بهم واقتربوا من الكفر، أو هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان لأن تقليلهم سواد المؤمنين بالانخذال تقوية للمشركين ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ ﴾ [آل عمران : ١٦٧] أي يظهرون خلاف ما يضمرون من الإيمان وغيره والتقييد بالأفواه للتأكيد ونفي المجاز ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾ [آل عمران : ١٦٧] من النفاق ﴿ الَّذِينَ قَالُوا ﴾ [المائدة : ٤١] أي ابن أبيّ وأصحابه وهو في موضع رفع على " هم " الذين قالوا أو على الإبدال من واو يكتمون أو نصب بإضمار أعني، أو على البدل من الذين نافقوا أو جر على البدل من الضمير في أفواههم أو قلوبهم ﴿ لاخْوَانِهِمْ ﴾ لأجل إخوانهم من جنس المنافقين المقتولين يوم أحد ﴿ وَقَعَدُوا ﴾ أي قالوا وقد قعدوا عن القتال ﴿ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ﴾ [آل عمران : ١٦٨] لو أطاعنا إخواننا فيما أمرناهم به من الانصراف عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم والقعود ووافقونا فيه لما قتلوا كما لم نقتل ﴿ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ ﴾ [آل عمران : ١٦٨] بأن الحذر ينفع من القدر فخذوا حذركم من الموت، أو معناه قل إن كنتم صادقين في أنكم وجدتم إلى دفع القتل سبيلاً وهو القعود عن القتال فجدوا إلى دفع الموت سبيلاً.
وروي أنه مات يوم قالوا هذه المقالة سبعون منافقاً.
ونزل في قتلى أحد ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ ﴾ [آل عمران : ١٦٩] شامي وحمزة وعلي وعاصم، وبكسر السين غيرهم :
٢٨٩
والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أو لكل أحد ﴿ الَّذِينَ قَتَلُوا ﴾ [الأنعام : ١٤٠] قتلوا : شامي ﴿ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتَا بَلْ أَحْيَآءٌ ﴾ [آل عمران : ١٦٩] بل هم أحياء ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ [فاطر : ٣٩] مقربون عنده ذوو زلفى ﴿ يُرْزَقُونَ ﴾ مثل ما يرزق سائر الأحياء يأكلون ويشربون، وهو تأكيد لكونهم أحياء ووصف لحالهم التي هم عليها من التنعم برزق الله فرحين حال من الضمير في يرزقون
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٥
﴿ بِمَآ ءَاتَـاـاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾ [آل عمران : ١٧٠] وهو التوفيق في الشهادة وما ساق إليهم من الكرامة والتفضيل على غيرهم من كونهم أحياء مقربين معجلاً لهم رزق الجنة ونعيمها.
وقال النبي عليه السلام لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تدور في أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش وقيل : هذا الرزق في الجنة يوم القيامة وهو ضعيف لأنه لا يبقى للتخصيص فائدة ﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ ﴾ [آل عمران : ١٧٠] بإخوانهم المجاهدين الذين ﴿ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم ﴾ [آل عمران : ١٧٠] لم يقتلوا فيلحقوا بهم ﴿ مِّنْ خَلْفِهِمْ ﴾ [آل عمران : ١٧٠] يريد الذين من خلفهم قد بقوا من بعدهم وهم قد تقدموهم أو لم يلحقوا بهم لم يدركوا فضلهم ومنزلتهم ﴿ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ [آل عمران : ١٧٠] بدل من الذين والمعنى : ويستبشرون بما تبين لهم من حال من تركوا خلفهم من المؤمنين وهو أنهم يبعثون آمنين يوم القيامة، بشرهم الله بذلك فهم مستبشرون به.
وفي ذكر حال الشهداء واستبشارهم بمن خلفهم، بعثٌ للباقين بعدهم على الجد في الجهاد والرغبة في نيل منازل الشهداء ﴿ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة : ٣٨].
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٥
﴿ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ﴾ [آل عمران : ١٧١] يسرون بما أنعم الله عليهم وما تفضل عليهم من زيادة الكرامة ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ ﴾ [المائدة : ٩٧] عطف على النعمة والفضل.
وإن الله : عليٌّ بالكسر على الاستئناف وعلى أن الجملة اعتراض ﴿ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩٠
آل عمران : ١٧١] بل يوفر عليهم.
﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [آل عمران : ١٧٢] مبتدأ خبره للذين أحسنوا، أو صفة للمؤمنين، أو نصب على المدح ﴿ مِن بَعْدِ مَآ أَصَـابَهُمُ الْقَرْحُ ﴾ [آل عمران : ١٧٢] الجرح.
روي أن أبا
٢٩٠