سفيان وأصحابه لما انصرفوا من أحد فبلغوا الروحاء ندموا وهموا بالرجوع فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأراد أن يرهبهم ويريهم من نفسه وأصحابه قوة، فندب النبيّ أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان، فخرج يوم الأحد من المدينة مع سبعين رجلاً حتى بلغوا حمراء الأسد وهي من المدنية على ثمانية أميال، وكان بأصحابه القرح فألقى الله الرعب في قلوب المشركين فذهبوا فنزلت ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا ﴾ [آل عمران : ١٧٢] من للتبيين.
مثلها في قوله :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً ﴾ [الفتح : ٢٩] (الفتح : ٩٢).
لأن الذين استجابوا الله والرسول قد أحسنوا كلهم واتقوا لا بعضهم ﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران : ١٧٢] في الآخرة.
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ﴾ [آل عمران : ١٧٣] بدل من الذين استجابوا ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ﴾ [آل عمران : ١٧٣] روي أن أبا سفيان نادى عند انصرافه من أحد : يا محمد موعدنا موسم بدر القابل.
فقال عليه السلام " إن شاء الله "، فلما كان القابل خرج أبو سفيان في أهل مكة فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له أن يرجع فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمراً فقال : يا نعيم إني واعدت محمداً أن نلتقي بموسم بدر وقد بدا لي أن أرجع فالحق بالمدينة، فثبطهم ولك عندي عشرة من الإبل، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم : أتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم فوالله لا يفلت منكم أحد فقال عليه السلام " والله لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد " فخرج في سبعين راكباً وهم يقولون حسبنا الله ونعم الوكيل حتى وافوا بدراً وأقاموا بها ثماني ليال وكانت معهم تجارة فباعوها وأصابوا خيراً، ثم انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين ولم يكن قتال، ورجع أبو سفيان إلى مكة فسمى أهل مكة جيشه جيش السويق وقالوا : إنما خرجتم لتأكلوا السويق.
فالناس الأول نعيم وهو جمع أريد به الواحد أو كان له أتباع يثبطون مثل تثبيطه، والثاني أبو سفيان وأصحابه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩٠
﴿ فَاخْشَوْهُمْ ﴾ فخافوهم ﴿ فَزَادَهُمُ ﴾ أي المقول الذي هو إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم أو القول، أو
٢٩١