في كفرانها.
قال عليه السلام عند نزول الآية خلقت المرأة من الرجل فهمّها في الرجل وخلق الرجل من التراب فهمّه في التراب " ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِ ﴾ [النساء : ١] والأصل " تتساءلون " فأدغمت التاء في السين بعد إبدالها سيناً لقرب التاء من السين للهمس.
تساءلون به بالتخفيف : كوفي على حذف التاء الثانية استثقالاً لاجتماع التاءين أي يسأل بعضكم بعضاً بالله وبالرحم فيقول بالله وبالرحم : افعل كذا على سبيل الاستعطاف ﴿ وَالارْحَامَ ﴾ بالنصب على أنه معطوف على اسم الله تعالى أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها، أو على موضع الجار والمجرور كقولك " مررت بزيد وعمراً "، وبالجر : حمزة على عطف الظاهر على الضمير وهو ضعيف، لأن الضمير المتصل كاسمه متصل والجار والمجرور كشيء واحد فأشبه العطف على بعض الكلمة ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء : ١] حافظاً أو عالماً.
﴿ وَءَاتُوا الْيَتَـامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء : ٢] يعني الذين ماتت آباؤهم فانفردوا عنهم.
واليتم : الانفراد ومنه الدرة اليتيمة، وقيل : اليتم في الأناسي من قبل الآباء، وفي البهائم من قبل الأمهات، وحق هذا الاسم أن يقع على الصغار والكبار لبقاء معنى الانفراد عن الآباء إلا أنه قد غلب أن يسموا به قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال، فإذا استغنوا بأنفسهم عن كافل وقائم عليهم زال هذا الاسم عنهم.
وقوله عليه السلام لا يتم بعد الحلم تعليم شريعة لا لغة يعني أنه إذا احتلم لم تجر عليه أحكام الصغار.
والمعنى وآتوا اليتامى أموالهم بعد البلوغ، وسماهم يتامى لقرب عهدهم إذا بلغوا بالصغر، وفيه إشارة إلى أن لا يؤخر دفع أموالهم إليهم عن حد البلوغ أن أونس منهم الرشد، وأن يؤتوها قبل أن يزول عنهم اسم اليتامى والصغار ﴿ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ﴾ [النساء : ٢] ولا تستبدلوا الحرام وهو مال اليتامى بالحلال وهو مالكم، أو لا تستبدلوا الأمر الخبيث وهو اختزال أموال اليتامى بالأمر الطيب وهو حفظها والتورع عنها.
والتفعل بمعنى الاستفعال غير عزيز ومنه التعجل بمعنى الاستعجال ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ﴾ [النساء : ٢] إلى متعلقة بمحذوف وهي في موضع الحال أي مضافة إلى أموالكم.
والمعنى ولا تضموها إليها في الإنفاق حتى لا تفرقوا بين أموالكم وأموالهم قلة مبالاة بما لا يحل
٣٠٥
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٤