لكم وتسوية بينه وبين الحلال ﴿ إِنَّهُ ﴾ إن أكلها ﴿ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء : ٢] ذنباً عظيماً ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا ﴾ [النساء : ٣] أي لا تعدلوا.
أقسط أي عدل ﴿ فِى الْيَتَـامَى ﴾ [النساء : ٣] يقال للإناث اليتامى كما يقال للذكور وهو جمع يتيمة ويتيم، وأما أيتام فجمع يتيم لا غير ﴿ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم ﴾ [النساء : ٣] ما حل لكم ﴿ مِّنَ النِّسَآءِ ﴾ [النساء : ٢٢] لأن منهن ماحرم الله كاللاتي في آية التحريم.
وقيل : ما ذهاباً إلى الصفة لأن ما يجيء في صفات من يعقل فكأنه قيل : الطيبات من النساء، ولأن الإناث من العقلاء يجرين مجرى غير العقلاء ومنه قوله تعالى ﴿ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُكُمْ ﴾ [النساء : ٣٦] قيل : كانوا لا يتحرجون من الزنا ويتحرجون من ولاية اليتامى فقيل : إن خفتم الجور في حق اليتامى فخافوا الزنا فانكحوا ما حل لكم من النساء ولا تحوموا حول المحرمات، أو كانوا يتحرجون من الولاية في أموال اليتامى ولا يتحرجون من الاستكثار من النساء مع أن الجور يقع بينهن إذا كثرن فكأنه قيل : إذا تحرجتم من هذا فتحرجوا من ذلك.
وقيل : وإن خفتم أن لا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا من البالغات.
يقال طابت الثمرة أي أدركت ﴿ مَثْنَى وَثُلَـاثَ وَرُبَـاعَ ﴾ [النساء : ٣] نكرات.
وإنما منعت الصرف للعدل والوصف، وعليه دل كلام سيبويه ومحلهن النصب على الحال من النساء أو مما طاب تقديره : فانكحوا الطيبات لكم معدودات هذا العدد ثنتين ثنتين وثلاثاً وثلاثاً وأربعاً أربعاً.
فإن قلت : الذي أطلق للناكح في الجمع أن يجمع بين اثنتين أو ثلاث أو أربع، فما معنى التكرير في مثنى وثلاث ورباع؟ قلت : الخطاب للجميع فوجب التكرير ليصيب كل ناكح يريد الجمع ما أراد من العدد الذي أطلق له كما تقول للجماعة : اقتسموا هذا المال ـــــ وهو ألف درهم ـــــ درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، ولو أفردت لم يكن له معنى.
وجيء بالواو لتدل على تجويز الجمع بين الفرق، ولو جيء بـ " أو " مكانها لذهب معنى التجويز ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا ﴾ [النساء : ٣] بين هذه الأعداد ﴿ فَوَاحِدَةً ﴾ فالزموا أو فاختاروا واحدة
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٤
﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُكُمْ ﴾ [النساء : ٣] سوّى في اليسر بين الحرة الواحدة وبين الإماء من غير حصر ﴿ ذَالِكَ ﴾ إشارة إلى اختيار الواحدة والتسري ﴿ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا ﴾ [النساء : ٣] أقرب من أن لا تميلوا ولا تجوروا، يقال عال الميزان عولاً إذا مال، وعال الحاكم في حكمه إذا جار.
ويحكى عن الشافعي رحمه الله أنه فسر أن لا تعولوا أن لا
٣٠٦


الصفحة التالية
Icon