النساء : ٧] بدل مما ترك بتكرير العامل والضمير في منه يعود إلى ما ترك نصيباً نصب على الاختصاص بمعنى أعني نصيباً مّفروضاً } مقطوعاً لا بد لهم من أن يجوزوه.
روي أن أوس بن ثابت ترك امرأته أم كحة وثلاث بنات فزوى ابنا عمه ميراثه عنهن، وكان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والأطفال ويقولون : لا يرث إلا من طاعن بالرماح
٣٠٩
وحاز الغنيمة.
فجاءت أم كحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فشكت فقال : إرجعي حتى أنظر ما يحدث الله فنزلت الآية، فبعث إليهما لا تفرقا من مال أوس شيئاً فإن الله تعالى قد جعل لهن نصيباً ولم يبين حتى يبين فنزلت يوصيكم الله فأعطى أم كحة الثمن والبنات الثلثين والباقي ابني العم وإذا حضر القسمة أي قسمة التركة أولوا القربى ممن لا يرث واليتامى والمساكين من الأجانب فارزقوهم فأعطوهم مّنه مما ترك الوالدان والأقربون وهو أمر ندب وهو باقٍ لم ينسخ.
وقيل : كان واجباً في الابتداء ثم نسخ بآية الميراث ﴿ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَّعْرُوفًا ﴾ [النساء : ٥] عذراً جميلاً وعدة حسنة، وقيل : القول المعروف أن يقولوا لهم : خذوا بارك الله عليكم ويستقلوا ما أعطوهم ولا يمنوا عليهم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٨
﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَـافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا ﴾ [النساء : ٩] المراد بهم الأوصياء أمروا بأن يخشوا الله فيخافوا على من في حجورهم من اليتامى فيشفقوا عليهم خوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافاً، وأن يقدروا ذلك في أنفسهم ويصوره حتى لا يجسروا على خلاف الشفقة والرحمة.
" ولو " مع ما في حيزه صلة لـ " الذين أي وليخش الذين صفتهم وحالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا خلفهم ذرية ضعافاً ـــــ وذلك عند احتضارهم ـــــ خافوا عليهم الضياع بعدهم لذهاب كافلهم.
وجواب لو : خافوا، والقول السديد من الأوصياء أن يكلموهم كما يكلمون أولادهم بالأدب الحسن والترحيث ويدعوهم بـ يا بني ويا ولدي.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَـامَى ظُلْمًا ﴾ [النساء : ١٠] ظالمين فهو مصدر في موضع الحال ﴿ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ ﴾ [النساء : ١٠] ملء بطونهم ﴿ نَارًا ﴾ أي يأكلون ما يجر إلى
٣١٠
النار فكأنه نار.
روي أنه يبعث آكل مال اليتامى يوم القيامة والدخان يخرج من قبره ومن فيه وأنفه وأذنيه فيعرف الناس أنه كان يأكل من مال اليتيم في الدنيا ﴿ وَسَيَصْلَوْنَ ﴾ وسيصلون } شامي وأبو بكر ﴿ سَعِيرًا ﴾ ناراً من النيران مبهمة الوصف.
﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ ﴾ [النساء : ١١] يعهد إليكم ويأمركم ﴿ فِى أَوْلَـادِكُمْ ﴾ في شأن ميراثهم وهذا إجمال تفصيله ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانثَيَيْنِ ﴾ [النساء : ١١] أي للذكر منهم أي من أولادكم فحذف الراجع إليه لأنه مفهوم كقولهم " السمن منوان بدرهم " وبدأ بحظ الذكر ولم يقل للأنثيين مثل حظ الذكر أو للأنثى نصف حظ الذكر لفضله كما ضوعف حظه لذلك، ولأنهم كانوا يورثون الذكور دون الإناث وهو السبب لورود الآية فقيل : كفى الذكور أن ضوعف لهم نصيب الإناث فلا يتمادى في حظهن حتى يحرمن مع إدلائهن من القرابة بمثل ما يدلون به.
والمراد حال الاجتماع أي إذا اجتمع الذكر والأنثيان كان له سهمان كما أن لهما سهمين، وأما في حال الانفراد فالابن يأخذ المال كله، والبنتان تأخذان الثلثين، والدليل عليه أنه أتبعه حكم الانفراد بقوله
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٨