﴿ فَإِن كُنَّ نِسَآءً ﴾ [النساء : ١١] أي فإن كانت الأولاد نساء خلصاً يعني بناتاً ليس معهن ابن ﴿ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ﴾ [النساء : ١١] خبر ثانٍ لكان أو صفة لنساء أي نساء زائدات على اثنتين ﴿ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ﴾ [النساء : ١١] أي الميت لأن الآية لما كانت في الميراث علم أن التارك هو الميت ﴿ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ﴾ [النساء : ١١] أي وإن كانت المولودة منفردةٌ.
واحدة : مدني على " كان " التامة والنصب أوفق لقوله فإن كن نساء.
فإن قلت : قد ذكر حكم البنتين في حال اجتماعهما مع الابن وحكم البنات والبنت في حال الانفراد، ولم يذكر حكم البنتين في حال الانفراد فما حكمهما؟ قلت : حكمهما مختلف فيه ؛ فابن عباس رضي الله عنهما نزلهما منزلة الواحدة لا منزلة الجماعة، وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أعطوهما حكم الجماعة بمقتضى قوله ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانثَيَيْنِ ﴾ [النساء : ١١] وذلك لأن من مات وخلف بنتاً وابناً فالثلث
٣١١
للبنت والثلثان للابن، فإذا كان الثلث لبنت واحدة كان الثلثان للبنتين، ولأنه قال في آخر السورة ﴿ إِنِ امْرُؤٌا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُا أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ﴾ [النساء : ١٧٦].
والبنتان أمس رحماً بالميت من الأختين فأوجبوا لهما ما أوجب الله للأختين، ولم ينقصوا حظهما عن حظ من هو أبعد منهما، ولأن البنت لما وجب لها مع أخيها الثلث كان أحرى أن يجب لها الثلث إذا كانت مع أخت مثلها ويكون لأختها معها مثل ما كان يجب لها أيضاً مع أخيها لو انفردت معه فوجب لهما الثلثان.
وفي الآية دلالة أن المال كله للذكر إذا لم يكن معه أنثى، لأنه جعل للذكر مثل حظ الانثيين، وقد جعل للأنثى النصف إذا كانت منفردة فعلم أن للذكر في حال الانفراد ضعف النصف وهو الكل.
والضمير في ﴿ وَلابَوَيْهِ ﴾ للميت والمراد الأب والأم إلا أنه غلب الذكر ﴿ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ﴾ [النساء : ١١] بدل من لأبويه بتكرير العامل وفائدة هذا البدل أنه لو قيل " ولأبويه السدس " لكان ظاهره اشتراكهما فيه، ولو قيل " ولأبويه السدسان " لأوهم قسمة السدسين عليهما على التسوية وعلى خلافها، ولو قيل " ولكل واحد من أبويه السدس " لذهبت فائدة التأكيد وهو التفصيل بعد الإجمال.
والسدس مبتدأ خبره لأبويه والبدل متوسط بينهما للبيان، وقرأ الحسن السدس والربع والثمن والثلث بالتخفيف
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٨
﴿ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ [النساء : ١١] هو يقع على الذكر والأنثى ﴿ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُا أَبَوَاهُ فَلامِّهِ الثُّلُثُ ﴾ [النساء : ١١] أي مما ترك والمعنى وورثه أبواه فحسب، لأنه إذا ورثه أبواه مع أحد الزوجين كان للأم ثلث ما يبقى بعد إخراج نصيب الزوج لا ثلث ما ترك، لأن الأب أقوى من الأم في الإرث بدليل أن له ضعف حظها إذا خلصا.
فلو ضرب لها الثلث كاملاً لأدى إلى حط نصيبه عن نصيبها ؛ فإن امرأة لو تركت زوجاً وأبوين فصار للزوج النصف وللأم الثلث والباقي للأب، حازت الأم سهمين والأب سهماً واحداً فينقلب الحكم إلى أن يكون للأنثى مثل حظ الذكرين.
فلأمه بكسر الهمزة : حمزة وعلي لمجاورة كسر اللام ﴿ فَإِن كَانَ لَهُ ﴾ [النساء : ١١] أي للميت ﴿ إِخْوَةٌ فَلامِّهِ السُّدُسُ ﴾ [النساء : ١١] إذا كان للميت اثنان من الإخوة والأخوات فصاعداً، فلأمه السدس.
والأخ الواحد لا يحجب، والأعيان والعلات والأخياف في حجب الأم سواء ﴿ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ ﴾ [النساء : ١٢] متعلق بما تقدمه من قسمة المواريث كلها لا بما يليه وحده كأنه قيل : قسمة هذه الأنصباء من بعد وصية ﴿ يُوصِى بِهَآ ﴾ [النساء : ١١] هو وما بعده بفتح الصاد : مكي وشامي وحماد ويحيى وافق الأعشى في الأولى وحفص في الثانية
٣١٢