﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّـاَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّى تُبْتُ الْـاَـانَ ﴾ [النساء : ١٨] أي ولا توبة للذين يذنبون ويسوفون توبتهم إلى أن يزول حال التكليف بحضور أسباب الموت ومعاينة ملك الموت، فإن توبة هؤلاء غير مقبولة لأنها حالة اضطرار لا حالة اختيار، وقبول التوبة ثواب ولا وعد به إلا لمختار ﴿ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ ﴾ [النساء : ١٨] في موضع جر بالعطف على للذين يعملون السيئات أي ليست التوبة للذين يعملون السيئات ولا للذين يموتون
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣١٨
﴿ وَهُمْ كُفَّارٌ ﴾ [النساء : ١٨] قال سعيد بن جبير : الآية الأولى في المؤمنين، والوسطى في المنافقين، والآخرى في الكافرين.
وفي بعض المصاحف بلامين وهو مبتدأ خبره.
﴿ أؤلئك أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء : ١٨] أي هيأنا من العتيد وهو الحاضر أو الأصل أعددنا فقلبت الدال تاء.
كان الرجل يرث امرأة مورثه بأن يلقي عليها ثوبه فيتزوجها بلا مهر فنزلت ﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَآءَ كَرْهًا ﴾ أي أن تأخذوهن على سبيل الإرث كما تحاز المواريث وهن كارهات لذلك أو مكرهات كرهاً بالفتح من الكراهة وبالضم : حمزة وعلي من الإكراه مصدر في موضع الحال من المفعول.
والتقييد بالكره لا يدل على الجواز عند عدمه، لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه كما في قوله :﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَـاقٍ ﴾ [الإسراء : ٣١] (الإسراء : ١٣).
وكان الرجل إذا تزوج امرأة ولم تكن من حاجته حبسها مع سوء العشرة لتفتدي منه بمالها وتختلع فقيل ﴿ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ [النساء : ١٩] وهو منصوب عطفاً على أن ترثوا ولا لتأكيد النفي أي لا يحل لكم أن ترثوا النساء ولا أن تعضلوهن، أو مجزوم بالنهي على الاستئناف فيجوز الوقف حينئذ على كرها.
والعضل : الحبس والتضييق ﴿ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ ﴾ [النساء : ١٩] من المهر واللام متعلقة بـ " تعضلوا "
٣١٨
﴿ إِلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ ﴾ [النساء : ١٩] هي النشوز وإيذاء الزوج وأهله بالبذاء أي إلا أن يكون سوء العشرة من جهتهن فقد عذرتم في طلب الخلع.
وعن الحسن : الفاحشة الزنا فإن فعلت حل لزوجها أن يسألها الخلع ﴿ مُّبَيِّنَةٍ ﴾ وبفتح الياء : مكي وأبو بكر، والاستثناء من أعم عام الظرف أو المفعول له كأنه قيل : ولا تعضلوهن في جميع الأوقات إلا وقت أن يأتين بفاحشة، أو لا تعضلوهن لعلة من العلل إلا لأن يأتين بفاحشة.
وكانوا يسيئون معاشرة النساء فقيل لهم :﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء : ١٩] وهو النصفة في المبيت والنفقة والإجمال في القول ﴿ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣١٨