إيمانهن، ودليل على أن الإيمان هو التصديق دون عمل اللسان لأن العلم بالإيمان المسموع لا يختلف ﴿ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ﴾ [آل عمران : ١٩٥] أي لا تستنكفوا من نكاح الإماء فكلكم بنو آدم، وهو تحذير عن التعيير بالأنساب والتفاخر بالأحساب ﴿ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ﴾ [النساء : ٢٥] سادتهن وهو حجة لنا في أن لهن أن يباشرن العقد بأنفسهن لأنه اعتبر إذن الموالي لا عقدهم، وأنه ليس للعبد أو للأمة أن يتزوج إلا بإذن المولى ﴿ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء : ٢٥] وأدوا إليهن مهورهن بغير مطل وإضرار وملاّك مهورهن مواليهن، فكان أداؤها إليهن أداء إلى الموالي لأنهن وما في أيديهن مال الموالي، أو التقدير : وآتوا مواليهن فحذف المضاف
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٢٢
﴿ مُحْصَنَـاتٍ ﴾ عفائف حال من المفعول في وآتوهن ﴿ غَيْرَ مُسَـافِحَـاتٍ ﴾ [النساء : ٢٥] زوانٍ علانية ﴿ وَلا مُتَّخِذَاتِ ﴾ زوانٍ : سراً والأخذان : الأخلاء في السر ﴿ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ ﴾ [النساء : ٢٥] بالتزويج.
أحصن : كوفي غير حفص ﴿ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَـاحِشَةٍ ﴾ [النساء : ٢٥] زنا ﴿ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَـاتِ ﴾ [النساء : ٢٥] أي الحرائر ﴿ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ [غافر : ٤٩] من الحد يعني خمسين جلدة، وقوله : نصف ما على المحصنات.
يدل على أنه الجلد لا الرجم لأن الرجم لا يتنصف، وأن المحصنات هنا الحرائر اللاتي لم يزوجن ﴿ ذَالِكَ ﴾ أي نكاح الإمام ﴿ لِمَنْ خَشِىَ الْعَنَتَ مِنكُمْ ﴾ [النساء : ٢٥] لمن خاف الإثم الذي تؤدي إليه غلبة الشهوة.
وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما هو الزنا لأنه سبب الهلاك.
﴿ وَأَن تَصْبِرُوا ﴾ [النساء : ٢٥] في محل الرفع على الابتداء أي وصبركم عن نكاح الإماء متعففين ﴿ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ [البقرة : ١٨٤] لأن فيه إرقاق الولد، ولأنها خراجة ولاجة ممتهنة مبتذلة وذلك كله نقصان يرجع إلى الناكح ومهانة والعزة من صفات المؤمنين، وفي الحديث الحرائر صلاح البيت والإماء هلاك البيت " ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ ﴾ [البقرة : ٢٢٥] يستر المحظور ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ يكشف المحظور ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾ [النساء : ٢٦] أصله يريد الله أن يبين لكم فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبيين كما زيدت في " لا أبالك " لتأكيد إضافة الأب.
والمعنى : يريد الله أن يبين لكم ما هو خفي عليكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم ﴿ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ [النساء : ٢٦] وأن يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين والطرق التي
٣٢٤
سلكوها في دينهم لتقتدوا بهم ﴿ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء : ٢٦] ويوفقكم للتوبة عما كنتم عليه من الخلاف
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٢٢


الصفحة التالية
Icon