﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَـافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴾ [النساء : ٣٧] أي يهانون به في الآخرة.
﴿ وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء : ٣٨] معطوف على الذين يبخلون أو على " الكافرين " ﴿ رِاـاَآءَ النَّاسِ ﴾ [البقرة : ٢٦٤] مفعول له أي للفخار وليقال ما أجودهم لا لابتغاء وجه الله وهم المنافقون أو مشركو مكة ﴿ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الاخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَـانُ لَهُ قَرِينًا فَسَآءَ قَرِينًا ﴾ [النساء : ٣٨] حيث حملهم على البخل والرياء وكل شر، ويجوز أن يكون وعيداً لهم بأن الشيطان يقرن بهم في النار ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ ﴾ [النساء : ٣٩] وأي تبعة ووبال عليهم في الإيمان والإنفاق في سبيل الله والمراد الذم والتوبيخ وإلا فكل منفعة ومصلحة في ذلك، وهذا كما يقال للعاق " ما ضرك لو كنت باراً " وقد علم أنه لا مضرة في البر ولكنه ذم وتوبيخ ﴿ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ﴾ [النساء : ٣٩] وعيد.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [النساء : ٤٠] هي النملة الصغيرة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أدخل يده في التراب فرفعه ثم نفخ فيه فقال : كل واحدة من هؤلاء ذرة.
وقيل : كل جزء من أجزاء الهباء في الكوة ذرة.
﴿ وَإِن تَكُ حَسَنَةً ﴾ [النساء : ٤٠] وإن يك مثقال الذرة حسنة.
وإنما أنث ضمير المثقال لكونه مضافاً إلى مؤنث.
حسنةٌ : حجازي على " كان " التامة، وحذفت النون من " تكن " تخفيفاً لكثرة الاستعمال ﴿ يُضَـاعِفْهَا ﴾ يضاعف ثوابها.
يضعفّها " : مكي وشامي ﴿ وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء : ٤٠] ويعط صاحبها من عنده
٣٣١
ثواباً عظيماً، وما وصفه الله بالعظم فمن يعرف مقداره مع أنه سمى متاع الدنيا قليلاً.
وفيه إبطال قول المعتزلة في تخليد مرتكب الكبيرة مع أن له حسنات كثيرة.
﴿ فَكَيْفَ ﴾ يصنع هؤلاء الكفرة من الهيود وغيرهم ﴿ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّة بِشَهِيدٍ ﴾ يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم ﴿ وَجِئْنَا بِكَ ﴾ [النحل : ٨٩] يا محمد ﴿ عَلَى هؤلاء ﴾ [النساء : ٤١] أي أمتك ﴿ شَهِيدًا ﴾ حال أي شاهداً على من آمن بالإيمان وعلى من كفر بالكفر وعلى من نافق بالنفاق.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ سورة النساء على رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى بلغ قوله : وجئنا بك على هؤلاء شهيداً }.
فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقال : حسبنا.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣٠
﴿ يَوْمَـاـاِذٍ ﴾ ظرف لقوله ﴿ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الحجر : ٢] بالله ﴿ وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الارْضُ ﴾ [النساء : ٤٢] لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى، أو يودون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء، أو تصير البهائم تراباً فيودون حالها.
تسوى بفتح التاء وتخفيف السين والإمالة وحذف إحدى التاءين من تتسوى " : حمزة وعلي.
تسوى بإدغام التاء في السين : مدني وشامي ﴿ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ﴾ [النساء : ٤٢] مستأنف أي ولا يقدرون على كتمانه لأن جوارحهم تشهد عليهم.
ولما صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً وشراباً ودعا نفراً من الصحابة رضي الله عنهم حين كانت الخمر مباحة، فأكلوا وشربوا فقدموا أحدهم ليصلي بهم المغرب فقرأ " قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد "، ونزل :﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلَواةَ وَأَنتُمْ سُكَـارَى ﴾ أي لا تقربوها في
٣٣٢