هذه الحالة ﴿ حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ [النساء : ٤٣] أي تقرأون، وفيه دليل على أن ردة السكران ليست بردة، لأن قراءة سورة الكافرين بطرح اللامات كفر ولم يحكم بكفره حتى خاطبهم باسم الإيمان، وما أمر النبي عليه السلام بالتفريق بينه وبين امرأته ولا بتجديد الإيمان، ولأن الأمة اجتمعت على أن من أجرى كلمة الكفر على لسانه مخطئاً لا يحكم بكفره ﴿ وَلا جُنُبًا ﴾ [النساء : ٤٣] عطف على وأنتم سكارى لأن محل الجملة مع الواو النصب على الحال كأنه قيل : لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنباً أي ولا تصلوا جنباً.
والجنب يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث لأنه اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الإجناب ﴿ إِلا عَابِرِى سَبِيلٍ ﴾ [النساء : ٤٣] صفة لقوله جنباً } أي لا تقربوا الصلاة جنباً غير عابري سبيل أي جنباً مقيمين غير مسافرين، والمراد بالجنب الذين لم يغتسلوا كأنه قيل : لا تقربوا الصلاة غير مغتسلين ﴿ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ [النساء : ٤٣] إلا أن تكونوا مسافرين عادمين الماء متيممين، عبّر عن المتيمم بالمسافر لأن غالب حاله عدم الماء وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وهو مروي عن علي رضي الله عنه.
وقال الشافعي رحمه الله : لا تقربوا الصلاة أي مواضع الصلاة وهي المساجد، ولا جنباً أي ولا تقربوا المسجد جنباً إلا عابري سبيل إلا مجتازين فيه، فيجوز للجنب العبور في المسجد عند الحاجة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣٠
﴿ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَآ ـاِطِ ﴾ [النساء : ٤٣] أي المطمئن من الأرض وكانوا يأتونه لقضاء الحاجة فكنى بن عن الحدث ﴿ مِّنَ النِّسَآءِ ﴾ جامعتموهن كذا عن علي رضي الله عنه وابن عباس ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً ﴾ [النساء : ٤٣] فلم تقدروا على استعماله لعدمه أو بعده أو فقد آلة الوصول إليه أو لمانع من حية أو سبع أو عدو فتيمّموا } أدخل في حكم الشرط أربعة وهم : المرضى والمسافرون والمحدثون وأهل الجنابة.
والجزاء الذي هو الأمر بالتيمم متعلق بهم جميعاً ؛ فالمرضى إذا عدموا الماء لضعف حركتهم وعجزهم عن الوصول إليه، والمسافرون إذا عدموه لبعده، والمحدثون وأهل الجنابة إذا لم يجدوه لبعض الأسباب فلهم أن يتيمموا.
لمستم : حمزة وعلي ﴿ صَعِيدًا ﴾ قال الزجاج : هو وجه الأرض تراباً كان أو غيره، وإن كان صخراً لا تراب عليه لو ضرب المتيمم يده ومسح لكان ذلك طهوره.
و " من " في سورة المائدة لابتداء الغاية لا للتبعيض ﴿ طَيِّبًا ﴾ طاهراً ﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾ [النساء : ٤٣] قيل : الباء زائدة ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا ﴾ [النساء : ٤٣] بالترخيص والتيسير ﴿ غَفُورًا ﴾ عن الخطأ والتقصير.
٣٣٣
﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ [الحج : ٦٣] من رؤية القلب وعدي بإلى على معنى ألم ينته علمك إليهم " أو بمعنى ألم تنظر إليهم ﴿ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ٢٣] حظاً من علم التوراة وهم أحبار اليهود ﴿ يَشْتَرُونَ الضَّلَـالَةَ ﴾ [النساء : ٤٤] يستبدلونها بالهدى وهوالبقاء على اليهودية بعد وضوح الآيات لهم على صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأنه هو النبي العربي المبشر به في التوراة والإنجيل ﴿ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا ﴾ [النساء : ٤٤] أنتم أيها المؤمنون ﴿ السَّبِيلَ ﴾ أي سبيل الحق كما ضلوه ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ﴾ [النساء : ٤٥] منكم ﴿ بِأَعْدَآ ـاِكُمْ ﴾ وقد أخبركم بعداوة هؤلاء فاحذروهم ولا تستنصحوهم في أموركم
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣٠


الصفحة التالية
Icon