﴿ وَلَهَدَيْنَـاهُمْ صِرَاطًا ﴾ [النساء : ٦٨] مفعول ثانٍ ﴿ مُّسْتَقِيمًا ﴾ أي لثبتناهم على الدين الحق ﴿ وَالصِّدِّيقِينَ ﴾ كأفاضل صحابة الأنبياء.
والصديق : المبالغ في صدق ظاهره بالمعاملة وباطنه بالمراقبة، أو الذي يصدق قوله بفعله ﴿ وَالشُّهَدَآءِ ﴾ والذين استشهدوا في سبيل الله ﴿ وَالصَّـالِحِينَ ﴾ ومن صلحت أحوالهم وحسنت أعمالهم ﴿ وَحَسُنَ أُوالَـائِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء : ٦٩] أي وما أحسن أولئك رفيقاً وهو كالصديق والخليط في استواء الواحد والجمع فيه ﴿ ذَالِكَ ﴾ مبتدأ خبره ﴿ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ﴾ [النساء : ٧٠] أو الفضل صفته ومن الله خبره والمعنى : أن ما أعطى المطيعون من الأجر العظيم ومرافقة المنعم عليهم من الله لأنه تفضل به عليهم، أو أراد أن فضل المنعم عليهم ومزيتهم من الله.
﴿ ذَالِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا * يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾ الحذر والحذر بمعنى وهو التحرز وهما كالإثر والأثر.
يقال : أخذ حذره إذا تيقظ، واحترز من المخوف كأنه جعل الحذر آلته التي يقي بها نفسه ويعصم بها روحه، والمعنى احذروا واحترزوا من العدو ﴿ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ ﴾ [النساء : ٧١] فاخرجوا إلى العدو جماعات متفرقة سرية بعد سرية، فالثباب الجماعات واحدها ثبة.
﴿ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾ [النساء : ٧١] أي مجتمعين أو مع النبي عليه السلام، لأن الجمع بدون السمع لا يتم، والعقد بدون الواسطة لا ينتظم.
أو انفروا ثباتٍ إذا لم
٣٤٣
يعم النفير، أو انفروا جميعاً إذا عم النفير.
وثبات حال وكذا جميعاً.
واللام في ﴿ وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن ﴾ [النساء : ٧٢] للابتداء بمنزلتها في ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ ﴾ [النحل : ١٨] (النحل : ٨١) و " من " موصولة.
وفي ﴿ لَّيُبَطِّئَنَّ ﴾ جواب قسم محذوف تقديره : وإن منكم لمن أقسم بالله ليبطئن والقسم وجوابه صلة من، والضمير الراجع منها إليه ما استكنّ في ﴿ لَّيُبَطِّئَنَّ ﴾
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤١
أي ليتثاقلن وليتخلفن عن الجهاد، وبطؤ بمعنى أبطأ أي تأخر ويقال :" ما بطؤ بك " فيتعدى بالباء.
والخطاب لعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقوله منكم أي في الظاهر دون الباطن يعني المنافقين يقولون لم تقتلون أنفسكم تأنوا حتى يظهر الأمر ﴿ فَإِنْ أَصَـابَتْكُم مُّصِيبَةٌ ﴾ [النساء : ٧٢] قتل أو هزيمة ﴿ قَالَ ﴾ المبطىء ﴿ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء : ٧٢] حاضر فيصيبني مثل ما أصابهم ﴿ وَلَـاـاِنْ أَصَـابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّهِ ﴾ [النساء : ٧٣] فتح أو غنيمة ﴿ لَيَقُولَنَّ ﴾ هذا المبطىء متلهفاً على ما فاته من الغنمية لا طلباً للمثوبة ﴿ كَانَ ﴾ مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي كأنه ﴿ لَّمْ تَكُن ﴾ [الأنعام : ١٥٨] وبالتاء مكي وحفص ﴿ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ﴾ [النساء : ٧٣] وهي اعتراض بين الفعل وهو ليقولن وبين مفعوله وهو ﴿ يَـالَيتَنِى كُنتُ مَعَهُمْ ﴾ [النساء : ٧٣] والمعنى : كأن لم يتقدم له معكم موادة لأن المنافقين كانوا يوادون المؤمنين في الظاهر وإن كانوا يبغون لهم الغوائل في الباطن ﴿ فَأَفُوزَ ﴾ بالنصب لأنه جواب التمني ﴿ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [النساء : ٧٣] فآخذ من الغنيمة حظاً وافراً.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤١
﴿ فَلْيُقَـاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ ﴾ [النساء : ٧٤] يبيعون ﴿ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا بِالاخِرَةِ ﴾ [البقرة : ٨٦] والمراد المؤمنون الذين يستحبون الحياة الآجلة على العاجلة ويستبدلونها بها، أي إن صد الذين مرضت قلوبهم وضعفت نياتهم عن القتال فليقاتل الثابتون
٣٤٤