الرسالة وليس إليك الحسنة والسيئة ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء : ٧٩] بأنك رسوله، وقيل : هذا متصل بالأول أي يكادون يفقهون حديثاً يقولون ما أصابك.
وحمل المعتزلة الحسنة والسيئة في الآية الثانية على الطاعة والمعصية تعسف بيّن وقد نادى عليه ما أصابك إذ يقال في الأفعال " ما أصبت " ولأنهم لا يقولون الحسنات من الله خلقاً وإيجاداً فأنى يكون لهم حجة في ذلك؟ وشهيداً تمييز.
﴿ مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء : ٨٠] لأنه لا يأمر ولا ينهى إلا بما أمر الله به ونهى عنه، فكانت طاعته في أوامره ونواهيه طاعة لله ﴿ وَمَن تَوَلَّى ﴾ [النساء : ٨٠] عن الطاعة فأعرض عنه ﴿ فَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء : ٨٠] تحفط عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها وتعاقبهم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤٦
﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ ويقول المنافقون إذا أمرتهم بشيء ﴿ طَاعَةٌ ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي أمرنا وشأننا طاعة ﴿ فَإِذَا بَرَزُوا ﴾ [النساء : ٨١] خرجوا ﴿ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ ﴾ [النساء : ٨١] زور وسوّى فهو من البيتوتة لأنه قضاء الأمر وتدبيره بالليل، أو من أبيات الشعر لأن الشاعر يدبرها ويسويها.
وبالإدغام : حمزة وأبو عمرو.
﴿ غَيْرَ الَّذِى تَقُولُ ﴾ [النساء : ٨١] خلاف ما قلت وما أمرت به أو خلاف ما قالت وما ضمنت من الطاعة، لأنهم أبطنوا الرد لا القبول والعصيان لا الطاعة وإنما ينافقون بما يقولون ويظهرون.
﴿ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ﴾ [النساء : ٨١] يثبته في صحائف أعمالهم ويجازيهم عليه ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ [الأنعام : ٦٨] ولا تحدث نفسك بالانتقام منهم ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الانفال : ٦١] في شأنهم فإن الله يكفيك مضرتهم وينتقم لك منهم إذا قوي أمر الإسلام ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا ﴾ [النساء : ٨١] كافياً لمن توكل عليه ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ ﴾ [محمد : ٢٤] أفلا يتأملون معانيه ومبانيه.
والتدبير : التأمل والنظر في أدبار الأمر وما يؤول إليه في عاقبته ثم استعمل في كل تأمل.
والتفكر : تصرف القلب بالنظر في الدلائل وهذا يرد قول من زعم من الروافض أن القرآن لا يفهم معناه إلا بتفسير الرسول صلى الله عليه وسلّم والإمام المعصوم، ويدل على صحة القياس وعلى
٣٤٨
بطلان التقليد.
﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ ﴾ [النساء : ٨٢] كما زعم الكفار ﴿ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَـافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء : ٨٢] أي تناقضاً من حيث التوحيد والتشريك والتحليل والتحريم، أو تفاوتاً من حيث البلاغة فكان بعضه بالغاً حد الإعجاز وبعضه قاصراً عنه يمكن معارضته، أو من حيث المعاني فكان بعضه إخباراً بغيب قد وافق المخبر عنه، وبعضه إخباراً مخالفاً للمخبر عنه، وبعضه دالاً على معنى صحيح عند علماء المعاني، وبعضه دالاً على معنى فاسد غير ملتئم.
وأما تعلق الملحدة بآيات يدعون فيها اختلافاً كثيراً من نحو قوله :
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤٦