﴿ وَإِذَا كُنتَ ﴾ [النساء : ١٠٢] يا محمد ﴿ فِيهِمْ ﴾ في أصحابك ﴿ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَواةَ ﴾ [النساء : ١٠٢] فأردت أن تقيم الصلاة بهم وبظاهره تعلق أبو يوسف رحمه الله فلا يرى صلاة الخوف بعده عليه السلام وقال : الأئمة نواب عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في كل عصر فكان
٣٦٠
الخطاب له متناولاً لكل إمام كقوله تعالى :﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾ [التوبة : ١٠٣] (التوبة : ٣٠١).
دليله فعل الصحابة رضي الله عنهم بعده عليه السلام ﴿ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ ﴾ [النساء : ١٠٢] فاجعلهم طائفتين فلتقم إحداهما معك فصل بهم وتقوم طائفة تجاه العدو ﴿ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ﴾ [النساء : ١٠٢] أي الذين تجاه العدو.
عن ابن عباس رضي الله عنهما : وإن كان المراد به المصلين فقالوا : يأخذون من السلاح ما لا يشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر ونحوهما ﴿ فَإِذَا سَجَدُوا ﴾ [النساء : ١٠٢] أي قيدوا ركعتهم بسجدتين فالسجود على ظاهره عندنا وعند مالك بمعنى الصلاة ﴿ فَلْيَكُونُوا مِن وَرَآ ـاِكُمْ ﴾ [النساء : ١٠٢] أي إذا صلت هذه الطائفة التي معك ركعة فليرجعوا ليقفوا بإزاء العدو ﴿ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا ﴾ [النساء : ١٠٢] في موضع رفع صفة لـ " طائفة " ﴿ فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ﴾ [النساء : ١٠٢] أي ولتحضر الطائفة الواقفة بإزاء العدو فليصلوا معك الركعة الثانية ﴿ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ ﴾ [النساء : ١٠٢] ما يتحرزون به من العدو كالدرع ونحوه ﴿ وَأَسْلِحَتَهُمْ ﴾ جمع سلاح وهو ما يقاتل به.
وأخذ السلاح شرط عند الشافعي رحمه الله، وعندنا مستحب، وكيفية صلاة الخوف معروفة ﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ ﴾ [النساء : ١٠٢] أي تمنوا أن ينالوا منكم غرة في صلاتكم ﴿ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [النساء : ١٠٢] فيشدون عليكم شدة واحدة ﴿ وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا ﴾ [النساء : ١٠٢] في أن تضعوا ﴿ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء : ١٠٢] رخص لهم في وضع الأسلحة إن ثقل عليهم حملها بسبب ما يبلهم من مطر أو يضعفهم من مرض، وأمرهم مع ذلك بأخذ الحذر لئلا يغفلوا فيهجم عليهم العدو ﴿ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَـافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴾ [النساء : ١٠٢] أخبر أنه يهين عدوهم لتقوى قلوبهم، وليعلموا أن الأمر بالحذر ليس لتوقع غلبتهم عليهم وإنما هو تعبد من الله تعالى.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٥٩
﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَواةَ ﴾ [النساء : ١٠٣] فرغتم منها ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَـامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾ [النساء : ١٠٣] أي دوموا على ذكر الله في جميع الأحوال، أو فإذا أردتم أداء الصلاة فصلوا قياماً إن قدرتم عليه، وقعوداً إن عجزتم عن القيام، ومضطجعين إن عجزتم عن القعود ﴿ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ ﴾ [النساء : ١٠٣] سكنتم بزوال الخوف ﴿ فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ ﴾ [النساء : ١٠٣] فأتموها بطائفة واحدة أو إذا أقمتم فأتموا ولا تقصروا، أو إذا اطمأننتم بالصحة
٣٦١


الصفحة التالية
Icon