﴿ هَـاأَنْتُمْ هؤلاء ﴾ [محمد : ٣٨] " ها " للتنبيه في " أنتم " و " أولاء " " وهما مبتدأ وخبر ﴿ جَـادَلْتُمْ ﴾ خاصمتم وهي جملة مبينة لوقوع " أولاء " خبراً كقولك لبعض الاسخياء " أنت حاتم تجود بمالك ".
أو " أولاء " اسم موصول بمعنى " الذين " و " جادلتم " صلته والمعنى : هبوا أنكم خاصمتم ﴿ عَنْهُمْ ﴾ عن طعمة وقومه ﴿ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَـادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ ﴾ فمن يخاصم عنهم في الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه؟
٣٦٣
وقرىء " عنه " أي عن طعمة ﴿ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا ﴾ [النساء : ١٠٩] حافظاً ومحامياً من بأس الله وعذابه.
﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُواءًا ﴾ [النساء : ١١٠] ذنباً دون الشرك ﴿ أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ﴾ [النساء : ١١٠] بالشرك أو سوءاً قبيحاً يتعدى ضرره إلى الغير كما فعل طعمة بقتادة واليهودي، أو يظلم نفسه بما يختص به كالحلف الكاذب ﴿ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ ﴾ [النساء : ١١٠] يسأل مغفرته ﴿ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [النساء : ١١٠] له وهذا بعث لطعمة على الاستغفار والتوبة ﴿ وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ [النساء : ١١١] لأن وباله عليها ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء : ١٧] فلا يعاقب بالذنب غير فاعله ﴿ وَمَن يَكْسِبْ خَطِياـاَةً ﴾ [النساء : ١١٢] صغيرة ﴿ أَوْ إِثْمًا ﴾ [النساء : ١١٢] أو كبيرة، أو الأول ذنب بينه وبين ربه، والثاني ذنب في مظالم العباد ﴿ ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِياـاًا ﴾ [النساء : ١١٢] كما رمى طعمة زيداً ﴿ فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَـانًا ﴾ [النساء : ١١٢] كذباً عظيماً ﴿ وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [النساء : ٢٠] ذنباً ظاهراً، وهذا لأنه بكسب الإثم آثم ويرمي البريء باهت فهو جامع بين الأمرين، والبهتان كذب يبهت من قيل عليه ما لا علم له به ﴿ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ ﴾ [النساء : ١١٣] أي عصمته ولطفه من الإطلاع على سرهم
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٦٢
﴿ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ ﴾ [النساء : ١١٣] من بني ظفر، أو المراد بالطائفة بنو ظفر الضمير في " منهم " يعود إلى الناس ﴿ أَن يُضِلُّوكَ ﴾ [النساء : ١١٣] عن القضاء بالحق وتوخي طريق العدل مع علمهم بأن الجاني صاحبهم ﴿ وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ ﴾ [آل عمران : ٦٩] لأن وباله عليهم ﴿ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْءٍ ﴾ [النساء : ١١٣] لأنك إنما عملت بظاهر الحال وما كان يخطر ببالك أن الحقيقة على خلاف ذلك ﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَـابَ ﴾ [النساء : ١١٣] القرآن ﴿ وَالْحِكْمَةَ ﴾ والسنة ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ﴾ [النساء : ١١٣] من أمور الدين والشرائع أو من خفيات الأمور وضمائر القلوب ﴿ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء : ١١٣] فيما علمك وأنعم عليك.
٣٦٤
﴿ لا خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاـاهُمْ ﴾ [النساء : ١١٤] من تناجي الناس ﴿ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ ﴾ [النساء : ١١٤] إلا نجوى من أمر، وهو مجرور بدل من " كثير " أو من " نجواهم " أو منصوب على الانقطاع بمعنى ولكن من أمر بصدقة ففي نجواه الخير ﴿ أَوْ مَعْرُوفٍ ﴾ [النساء : ١١٤] أي قرض أو إغاثة ملهوف أو كل جميل، أو المراد بالصدقة الزكاة وبالمعروف التطوع ﴿ أَوْ إِصْلَـاح بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء : ١١٤] أي إصلاح ذات البين ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذَالِكَ ﴾ [النساء : ١١٤] المذكور ﴿ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ﴾ [النساء : ١١٤] طلب رضا الله وخرج عنه من فعل ذلك رياء أو ترؤساً وهو مفعول له.
والإشكال أنه قال " إلا من أمر " ثم قال و " من يفعل ذلك " والجواب أنه ذكر الأمر بالخير ليدل به على فاعله لأنه إذا دخل الآمر به في زمرة الخيرين كان الفاعل فيهم أدخل، ثم قال و " ومن يفعل ذلك " فذكر الفاعل وقرن به الوعد بالأجر العظيم.
أو المراد ومن يأمر بذلك فعبر عن الأمر بالفعل ﴿ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء : ٧٤] " يؤتيه " : أبو عمرو وحمزة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٦٢


الصفحة التالية
Icon