﴿ لَّيْسَ بِأَمَـانِيِّكُمْ ﴾ [النساء : ١٢٣] ليس الأمر على شهواتكم وأمانيكم أيها المشركون أن تنفعكم الأصنام ﴿ وَلا أَمَانِىِّ أَهْلِ الْكِتَـابِ ﴾ ولا على شهوات اليهود والنصارى حيث قالوا :﴿ نَحْنُ أَبْنَـاؤُا اللَّهِ وَأَحِبَّـاؤُهُ ﴾ [المائدة : ١٨] (المائدة : ٨١).
﴿ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ﴾ [البقرة : ٨٠] (البقرة : ٨).
﴿ مَن يَعْمَلْ سُواءًا يُجْزَ بِهِ ﴾ [النساء : ١٢٣] أي من المشركين وأهل الكتاب بدليل قوله ﴿ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٦٨
النساء : ١٢٣] وهذا وعيد للكفار لأنه قال بعده ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّـالِحَـاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ [النساء : ١٢٤] فقوله " وهو مؤمن " حال و " من " الأولى للتبعيض، والثانية لبيان الإبهام في " من يعمل "، وفيه إشارة إلى أن الأعمال ليست من الإيمان ﴿ فَأُوالَـائكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ﴾ [النساء : ١٢٤] " يدخلون " : مكي وأبو عمرو وأبو بكر ﴿ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء : ١٢٤] قدر النقير وهو النقرة في ظهر النواة والراجع في ﴿ وَلا يُظْلَمُونَ ﴾ [مريم : ٦٠] لعمال السوء وعمال الصالحات جميعاً.
وجاز أن يكون ذكره عند أحد الفريقين دليلاً على ذكره عند الآخر.
وقوله :﴿ الَّـاتِى لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ ﴾ أخلص نفسه لله وجعلها سالمة له لا يعرف لها رباً ولا معبوداً سواء ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [لقمان : ٢٢] عامل للحسنات ﴿ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ﴾ [النساء : ١٢٥] مائلاً عن الأديان الباطلة وهو حال من المتبع أو من إبراهيم ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا ﴾ [النساء : ١٢٥] هو في الأصل المخال وهو الذي يخالك أي يوافقك في خلالك، أو يداخلك خلال منزلك، أو يسد خللك كما يسد خلله، فالخلة صفاء مودة توجب الاختصاص بتخلل الأسرار، والمحبة أصفى لأنها من حبة القلب وهي جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب كقوله " والحوادث جمة ".
وفائدتها تأكيد وجوب اتباع ملته وطريقته لأن من بلغ من الزلفى عند الله أن اتخذه خليلاً كان جديراً بأن تتبع ملته وطريقته، ولو جعلتها معطوفة على الجمل قبلها ولم يكن لها معنى وفي الحديث " اتخذ الله إبراهيم خليلاً لإطعامه الطعام وإفشائه السلام وصلاته بالليل والناس نيام " وقيل : أوحي إليه إنما اتخذتك خليلاً لأنك تحب أن تعطي ولا تعطى.
وفي رواية " لأنك تعطي الناس ولا تسألهم ".
وفي قوله ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ ﴾ دليل على أن اتخاذه خليلاً لاحتياج الخليل إليه لا لاحتياجه تعالى إليه لأنه منزه عن ذلك ﴿ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ مُّحِيطًا ﴾ [النساء : ١٢٦] عالماً.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٦٨
﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النِّسَآءِ ﴾ [النساء : ١٢٧] ويسألونك الإفتاء في النساء والإفتاء تبيين المبهم ﴿ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَـابِ فِى يَتَـامَى النِّسَآءِ ﴾ [النساء : ١٢٧] أي
٣٦٨