﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون : ٨] (المنافقون : ٨).
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٧١
﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء : ١٤٠] بفتح النون : عاصم.
وبضمها : غيره ﴿ فِى الْكِتَـابِ ﴾ [مريم : ٤١] القرآن ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَـابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَـاتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ﴾ [النساء : ١٤٠] حتى يشرعوا في كلام غير الكفر والاستهزاء بالقرآن، والخوض : الشروع و " أن " مخففة من الثقيلة أي أنه إذا سمعتم أي نزل عليكم أن الشأن كذا.
والشأن ما أفادته الجملة بشرطها وجزائها و " أن " مع ما في حيزها في موضع الرفع بـ " نزل " أو في موضع النصب بـ " نزل " والمنزل عليهم في الكتاب هو ما نزل عليهم بمكة من قوله :﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى ءَايَـاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [الأنعام : ٦٨] (الأنعام : ٨٦).
وذلك أن المشركين كانوا يخوضون في ذكر القرآن في مجالسهم فيستهزئون به، فنهى المسلمين عن القعود معهم ما داموا خائضين فيه، وكان المنافقون بالمدينة يفعلون نحو فعل المشركين بمكة فنهوا أن يقعدوا معهم كما نهوا عن مجالسة المشركين بمكة ﴿ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ﴾ [النساء : ١٤٠] أي في الوزر إذا مكثتم معهم، ولم يرد به التمثيل من كل وجه فإن خوض المنافقين فيه كفر ومكث هؤلاء معهم معصية ﴿ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَـافِقِينَ وَالْكَـافِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء : ١٤٠] لاجتماعهم في الكفر والاستهزاء ﴿ الَّذِينَ ﴾ بدل من " الذين يتخذون " أو صفة للمنافقين أو نصب على الذم منهم ﴿ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ ﴾ [النساء : ١٤١] ينتظرون بكم ما يتجدد لكم من ظفر أو إخفاق ﴿ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ ﴾ [النساء : ١٤١] نصرة وغنيمة ﴿ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ﴾ [النساء : ١٤١] مظاهرين فأشركونا في الغنيمة ﴿ وَإِن كَانَ لِلْكَـافِرِينَ نَصِيبٌ ﴾ [النساء : ١٤١] سمى ظفر المسلمين فتحاً تعظيماً لشأنهم لأنه أمر عظيم تفتح له أبواب السماء، وظفر الكافرين نصيباً تخسيساً لحظهم لأنه لمظة من الدنيا يصيبونها.
﴿ قَالُوا ﴾ للكافرين ﴿ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء : ١٤١] ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم، والاستحواذ الاستيلاء والغلبة ﴿ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء : ١٤١] بأن ثبطناهم
٣٧٤
عنكم وخيلنا لهم ما ضعفت قلوبهم به ومرضوا عن قتالكم وتوانينا في مظاهرتهم عليكم فهاتوا نصيباً لنا مما أصبتم ﴿ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ﴾ [النساء : ١٤١] أيها المؤمنون والمنافقون ﴿ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ ﴾ [القيامة : ٦] فيدخل المنافقين النار والمؤمنين الجنة ﴿ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَـافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا ﴾ [النساء : ١٤١] أي في القيامة بدليل أول الآية كذا عن علي رضي الله عنه، أو حجة كذا عن ابن عباس رضي الله عنهما.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٧١
﴿ إِنَّ الْمُنَـافِقِينَ يُخَـادِعُونَ اللَّهَ ﴾ [النساء : ١٤٢] أي يفعلون ما يفعل المخادع من إظهار الإيمان وإبطان الكفر.
والمنافق من أظهر الإيمان وأبطن الكفر، أو أولياء الله وهم المؤمنون فأضاف خداعهم إلى نفسه تشريفاً لهم
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٧٥