﴿ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنكُم ﴾ [النساء : ٤٣] قال الرازي معناه وجاء حتى لا يلزم المريض والمسافر التيمم بلا حدث ﴿ مِّنَ الْغَآئِطِ ﴾ [النساء : ٤٣] المكان المطمئن وهو كناية عن قضاء الحاجة ﴿ أَوْ لَـامَسْتُمُ النِّسَآءَ ﴾ [النساء : ٤٣] جامعتم ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ﴾ [المائدة : ٦] في باب الطهارة حتى لا يرخص لكم في التيمم ﴿ وَلَـاكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ﴾ [المائدة : ٦] بالتراب إذا أعوزكم التطهر بالماء ﴿ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [المائدة : ٦] وليتم برخصه إنعامه عليكم بعزائمه ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة : ٥٢] نعمته فيثيبكم ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ [آل عمران : ١٠٣] بالإسلام ﴿ وَمِيثَـاقَهُ الَّذِى وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ [المائدة : ٧] أي عاقدكم به عقداً وثيقاً وهو الميثاق الذي أخذه على المسلمين حين بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم على السمع والطاعة في حال اليسر والعسر والمنشط والمكره فقبلوا وقالوا سمعنا وأطعناه.
وقيل : هو الميثاق ليلة العقبة وفي بيعة الرضوان ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [المائدة : ٨٨] في نقض الميثاق ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آل عمران : ١١٩] بسرائر الصدور من الخير والشر وهو وعد ووعيد.
٣٩٦
﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَواَّمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِ ﴾ بالعدل ﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَواَّمِينَ ﴾ عدي " يجرمنكم " بحرف الاستعلاء مضمناً معنى فعل يتعدى به كأنه قيل : ولا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم ﴿ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة : ٨] أي العدل أقرب إلى التقوى.
نهاهم أوّلاً أن تحملهم البغضاء على ترك العدل، ثم استأنف فصرح لهم بالأمر بالعدل تأكيداً وتشديداً، ثم استأنف فذكر لهم وجه الأمر بالعدل وهو قوله تعالى :" هو أقرب للتقوى " تعالى وإذا كان وجوب العدل مع الكفار بهذه الصفة من القوة فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [المائدة : ٨٨] فيما أمر ونهى ﴿ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة : ٨] وعد ووعيد ولذا ذكر بعدها آية الوعد وهو قوله تعالى ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ ﴾ [المائدة : ٩] " وعد " يتعدى إلى مفعولين : فالأول " الذين آمنوا "، والثاني محذوف استغني عنه بالجملة التي هي قوله ﴿ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة : ٩] والوعيد وهو قوله ﴿ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أؤلئك هُمُ الصِّدِّيقُونَ ﴾ [الحديد : ١٩] أي لا يفارقونها.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٩٤
﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ ﴾ روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أتى بني قريظة ومعه الشيخان ـ أبو بكر وعمر ؛ والختنان يستقرضهم دية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطأ يحسبهما مشركين فقالوا : نعم يا أبا القاسم اجلس حتى نطعمك ونقرضك، فأجلسوه في صفة وهموا بالفتك به، وعمد عمرو بن جحاش إلى رحى عظيمة يطرحها عليه فأمسك الله يده ونزل جبريل فأخبره بذلك فخرج النبي صلى الله عليه وسلّم ونزلت الآية.
" إذ " ظرف للنعمة ﴿ أَن يَبْسُطُوا ﴾ [المائدة : ١١] بأن يبسطوا
٣٩٧
﴿ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ﴾ [المائدة : ١١] بالقتل يقال بسط لسانه إليه إذا شتمه وبسط إليه يده إذا بطش به ﴿ وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّواءِ ﴾ [الممتحنة : ٢] (الممتحنة : ٢) ومعنى بسط اليد مدها إلى المبطوش به ﴿ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ ﴾ [المائدة : ١١] فمنعها أن تمد إليكم ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة : ١١] فإنه الكافي والدافع والمانع.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٩٤
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٩٨