وهو الإيمان بالله والرسل وأفعال الخير يتعلق بأخذنا أي وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم، فقدم على الفعل الجار والمجرور وفصل بين الفعل والواو بالجار والمجرور.
وإنما لم يقل " من النصارى " لأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادعاء لنصر الله وهم الذين قالوا لعيسى : نحن أنصار الله.
ثم اختلفوا بعد نسطورية ويعقوبية وملكانية أنصاراً للشيطان ﴿ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا ﴾ [المائدة : ١٤] فألصقنا وألزمنا من غرى بالشيء إذا لزمه ولصق به ومنه الغراء الذي يلصق به ﴿ بَيْنَهُمُ ﴾ بين فرق النصارى المختلفين ﴿ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَـامَةِ ﴾ [المائدة : ١٤] بالأهواء المختلفة ﴿ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة : ١٤] أي في القيامة بالجزاء والعقاب.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٩٨
﴿ يَـا أَهْلَ الْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ٦٤] خطاب لليهود والنصارى، والكتاب للجنس ﴿ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا ﴾ [المائدة : ١٥] محمد عليه السلام ﴿ يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَـابِ ﴾ [المائدة : ١٥] من نحو صفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومن نحو الرجم ﴿ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ ﴾ [الشورى : ٣٠] مما تخفونه لا يبينه أو يعفو عن كثير منكم لان يؤاخذه ﴿ قَدْ جَآءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَـابٌ مُّبِينٌ ﴾ [المائدة : ١٥] يريد القرآن لكشفه ظلمات الشرك والشك ولإبانته ما كان خافياً على الناس من الحق، أو لأنه ظاهر الإعجاز، أو النور محمد عليه السلام لأنه يهتدى به كما سمي سراجاً ﴿ يَهْدِى بِهِ اللَّهُ ﴾ [المائدة : ١٦] أي بالقرآن ﴿ مَنِ اتَّبَعَ ﴾ من آمن منهم ﴿ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَـامِ ﴾ [المائدة : ١٦] طرق السلامة والنجاة من عذاب الله أو سبل الله فالسلام السلامة أو الله ﴿ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [المائدة : ١٦] من ظلمات الكفر إلى نور
٤٠٠
الإسلام ﴿ بِإِذْنِهِ ﴾ بإرادته وتوفيقه ﴿ مَرْيَمَ ﴾ معناه بت القول على أن الله هو المسيح لا غير.
قيل : كان في النصارى قوم يقولون ذلك، أو لأن مذهبهم يؤدي إليه حيث إنهم اعتقدوا أنه يخلق ويحيي ويميت ﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شيئا ﴾ [المائدة : ١٧] فمن يمنع من قدرته ومشيئته شيئاً ﴿ إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الارْضِ جَمِيعًا ﴾ [المائدة : ١٧] أي إن أراد أن يهلك من دعوه إلهاً من المسيح وأمه يعني أن المسيح عبد مخلوق كسائر العباد.
وعطف " من في الأرض جميعاً " على " المسيح وأمه " إبانة أنهما من جنسهم لا تفاوت بينهما وبينهم، والمعنى أن من اشتمل عليه رحم الأمومية متى يفارقه نقص البشرية، ومن لاحت عليه شواهد الحدثية أنى يليق به نعت الربوبية، ولو قطع البقاء عن جميع ما أوجد لم يعد نقص إلى الصمدية.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٩٨
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾ أي يخلق من ذكر وأنثى ويخلق من أنثى بلا ذكر كما خلق عيسى، ويخلق من ذكر من غير أنثى كما خلق حواء من آدم، ويخلق من غير ذكر وأنثى كما خلق آدم، أو يخلق ما يشاء كخلق الطير على يد عيسى معجزة له فلا اعتراض عليه لأنه الفعال لما يريد ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَـارَى نَحْنُ أَبْنَـاؤُا اللَّهِ وَأَحِبَّـاؤُهُ ﴾ أي أعزة عليه كالابن على الأب، أو أشياع ابني الله عزير والمسيح كما قيل لأشياع أبي خبيب وهو عبد الله بن الزبير الخبيبيون، وكما كان يقول رهط مسيلمة نحن أبناء الله ويقول أقرباء الملك وحشمه نحن أبناء الملوك أو نحن أبناء رسل الله
٤٠١