مع ما في حيزه خبر " إن "، ووحد الراجع في " ليفتدوا به " وقد ذكر شيئان لأنه أجرى الضمير مجرى اسم الإشارة كأنه قيل :﴿ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَـامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ فلا سبيل لهم إلى النجاة بوجه ﴿ يُرِيدُونَ ﴾ يطلبون أو يتمنون ﴿ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَـارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ [المائدة : ٣٧] دائم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٠٥
﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ﴾ [المائدة : ٣٨] ارتفعا بالابتداء والخبر محذوف تقديره : وفيما يتلى عليكم السارق والسارقة أو الخبر ﴿ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة : ٣٨] أي يديهما والمراد اليمينان بدليل قراءة عبد الله بن مسعود، ودخول الفاء لتضمنهما معنى الشرط لأن المعنى : والذي سرق والتي سرقت فاقطعوا أيديهما.
والاسم الموصول يضمن معنى الشرط، وبدأ بالرجل لأن السرقة من الجراءة وهي في الرجال أكثر، وأخر الزاني لأن الزنا ينبعث من الشهوة وهي في النساء أوفر.
وقطعت اليد لأنها آلة السرقة ولم تقطع آلة الزنا تفادياً عن قطع النسل.
﴿ جَزَآءَ بِمَا كَسَبَا ﴾ [المائدة : ٣٨] مفعول له ﴿ نَكَـالا مِّنَ اللَّهِ ﴾ [المائدة : ٣٨] أي عقوبة منه وهو بدل من " جزاء " ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ﴾ [البقرة : ٢٢٨] غالب لا يعارض في حكمه ﴿ حَكِيمٌ ﴾ فيما حكم من قطع يد السارق والسارقة ﴿ فَمَن تَابَ ﴾ [المائدة : ٣٩] من السرقة ﴿ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ ﴾ [المائدة : ٣٩] سرقته ﴿ وَأَصْلَحَ ﴾ برد المسروق ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ﴾ [المائدة : ٣٩] يقبل توبته ﴿ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [البقرة : ١٧٣] يغفر ذنبه ويرحمه ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ ﴾ [البقرة : ١٠٦] يا محمد أو يا مخاطب ﴿ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ﴾ من مات على الكفر ﴿ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ ﴾ [المائدة : ٤٠] لمن تاب عن
٤٠٩
الكفر ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ ﴾ [المجادلة : ٦] من التعذيب والمغفرة وغيرهما ﴿ قَدِيرٌ ﴾ قادر.
وقدم التعذيب على المغفرة هنا لتقدم السرقة على التوبة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٠٩