فاتحة الكتاب
مكية وقيل مدنية، والأصح أنها مكية ومدنية، نزلت بمكة حين فرضت الصلاة ثم نزلت بالمدينة حين حولت القبلة إلى الكعبة.
وتسمى أم القرآن للحديث قال عليه السلام " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن " ولاشتمالها على المعاني التي في القرآن، وسورة الوافية والكافية لذلك، وسورة الكنز لقوله عليه السلام حاكياً عن الله تعالى :" فاتحة الكتاب كنز من كنوز عرشي "، وسورة الشفاء والشافية لقوله عليه السلام :" فاتحة الكتاب شفاء من كل داء إلا السام "، وسورة المثاني لأنها تثنى في كل صلاة، وسورة الصلاة لما يروى ولأنها تكون واجبة أو فريضة، وسورة الحمد والأساس فإنها أساس القرآن.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : إذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالأساس.
وآيها سبع بالاتفاق.
اسم الكتاب : تفسير النسفي
﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة : ١] قراء المدينة والبصرة والشام وفقهاؤها على أن التسمية ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وإنما كتبت للفصل والتبرك للابتداء بها، وهو مذهب أبي حنيفة ومن تابعه رحمهم الله، ولذا لا يجهر بها
٢٩
عندهم في الصلاة.
وقراء مكة والكوفة على أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة وعليه الشافعي وأصحابه رحمهم الله، ولذا يجهرون بها في الصلاة وقالوا : قد أثبتها السلف في المصحف مع الأمر بتجريد القرآن عما ليس منه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : من تركها فقد ترك مائة وأربع عشرة آية من كتاب الله.
ولنا حديث أبي هريرة قال : سمعت النبي عليه السلام يقول :" قال الله تعالى قسمت الصلاة ـــــ أي الفاتحة ـــــ بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة : ٢] قال الله تعالى : حمدني عبدي.
وإذا قال ﴿ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة : ٣] قال الله تعالى : أثنى عليّ عبدي.
وإذا قال ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة : ٤] قال : مجدني عبدي.
وإذا قال ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة : ٥] قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل.
فإذا قال ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّآلِّينَ ﴾ قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " فالابتداء بقوله ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ دليل على أن التسمية ليست من الفاتحة، وإذا لم تكن من الفاتحة لا تكون من غيرها إجماعاً، والحديث مذكور في صحاح المصابيح.
وما ذكروا لا يضرنا لأن التسمية آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور عندنا ذكره فخر الإسلام في المبسوط.
وإنما يرد علينا أن لو لم نجعلها آية من القرآن وتمام تقريره في " الكافي ".
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩
وتعلقت الباء بمحذوف تقديره : باسم الله أقرأ أو أتلو، لأن الذي يتلو التسمية مقروء كما أن المسافر إذا حل وارتحل فقال باسم الله والبركات كان المعنى باسم الله أحل وباسم الله أرتحل، وكذا الذابح وكل فاعل يبدأ في فعله باسم الله كان مضمراً ما جعل التسمية مبدأ له.
وإنما قدر المحذوف متأخراً لأن الأهم من الفعل
٣٠