والمتعلق به هو المتعلق به، وكانوا يبدأون بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات وباسم العزى، فوجب أن يقصد الموحد معنى اختصاص اسم الله عز وجل بالابتداء وذا بتقديمه وتأخير الفعل.
وإنما قدم الفعل في ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ [العلق : ١] (العلق : ١) لأنها أول سورة نزلت في قول، وكان الأمر بالقراءة أهم فكان تقديم الفعل أوقع.
ويجوز أن يحمل ﴿ اقْرَأْ ﴾ على معنى افعل القراءة وحققها كقولهم فلان يعطي ويمنع غير متعدٍ إلى مقروء به، وأن يكون ﴿ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ [العلق : ١] مفعول ﴿ اقْرَأْ ﴾ الذي بعده.
واسم الله يتعلق بالقراءة تعلق الدهن بالإنبات في قوله ﴿ تَنابُتُ بِالدُّهْنِ ﴾ [المؤمنون : ٢٠] (المؤمنون : ٠٢) على معنى متبركاً باسم الله أقرأ ففيه تعليم عباده كيف يتبركون باسمه وكيف يعظمونه.
وبنيت الباء على الكسر لأنها تلازم الحرفية والجر فكسرت لتشابه حركتها عملها، والاسم من الأسماء التي بنوا أوائلها على السكون كالابن والابنة وغيرهما ؛ فإذا نطقوا بها مبتدئين زادوا همزة تفادياً عن الابتداء بالساكن تعذراً، وإذا وقعت في الدرج لم يفتقر إلى زيادة شيء.
ومنهم من لم يزدها واستغنى عنها بتحريك الساكن فقال " سم " و " سم " وهو من الأسماء المحذوفة الأعجاز كيد ودم وأصله " سمو " بدليل تصريفه كأسماء وسمي وسميت.
واشتقاقه من السمو وهو الرفعة لأن التسمية تنويه بالمسمّى وإشادة بذكره، وحذفت الألف في الخط هنا وأثبتت في قوله :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ [العلق : ١] لأنه اجتمع فيها ـــــ أي في التسمية ـــــ مع أنها تسقط في اللفظ لكثرة الاستعمال، وطولت الباء عوضاً عن حذفها، وقال عمر بن عبد العزيز لكاتبه : طول الباء وأظهر السينات ودور الميم، والله أصله الإله ونظيره الناس أصله الأناس، حذفت الهمزة وعوض منها حرف التعريف.
والإله من أسماء الأجناس يقع على كل معبود بحق أو باطل ثم غلب على المعبود بالحق، كما أن النجم اسم لكل كوكب ثم غلب على الثريا.
وأما الله بحذف الهمزة فمختص بالمعبود بالحق لم يطلق على غيره، وهو اسم غير صفة لأنك تصفه ولا تصف به، ولا تقول شيء إله كما لا تقول شيء رجل، وتقول الله واحد صمد، ولأن صفاته تعالى لا بد لها من موصوف تجري عليه فلو جعلتها كلها صفات لبقيت صفات غير جارية على اسم موصوف بها
٣١
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩
وذا لا يجوز.
ولا اشتقاق لهذا الاسم عند الخليل والزجاج ومحمد ابن الحسن والحسين بن الفضل.
وقيل : معنى الاشتقاق أن ينتظم الصيغتين فصاعداً معنى واحد وصيغة هذا الاسم وصيغة قولهم " أله " إذا تحير ينتظمهما معنى التحير والدهشة، وذلك أن الأوهام تتحير في معرفة المعبود وتدهش الفطن ولذا كثر الضلال وفشا الباطل وقل النظر الصحيح.
وقيل : هو من قولهم أله يأله إلاهاً إذا عبد فهو مصدر بمعنى مألوه أي معبود كقوله ﴿ هَاذَا خَلْقُ اللَّهِ ﴾ [لقمان : ١١] (لقمان : ١١) أي مخلوقه.
وتفخم لامه إذا كان قبلها فتحة أو ضمة، وترقق إذا كان قبلها كسرة.
ومنهم من يرققها بكل حال، ومنهم من يفخم بكل حال والجمهور على الأول.
والرحمن فعلان من رحم وهو الذي وسعت رحمته كل شيء كغضبان من غضب وهو الممتلىء غضباً، وكذا الرحيم فعيل منه كمريض من مرض.
وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم لأن في الرحيم زيادة واحدة وفي الرحمن زيادتين، وزيادة اللفظ تدل على زيادة المعنى، ولذا جاء في الدعاء يا رحمن الدنيا لأنه يعم المؤمن والكافر ورحيم الآخرة لأنه يخص المؤمن.
وقالوا : الرحمن خاص تسمية لأنه لا يوصف به غيره، وعام معنى لما بينا.
والرحيم بعكسه لأنه يوصف به غيره ويخص المؤمنين ولذا قدم الرحمن وإن كان أبلغ والقياس الترقي من الأدنى إلى الأعلى.
يقال : فلان عالم ذو فنون نحرير لأنه كالعلم لما لم يوصف به غير الله، ورحمة الله إنعامه على عباده وأصلها العطف وأما قول الشاعر في مسيلمة.
وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا، فباب من تعنتهم في كفرهم.
ورحمن غير منصرف عند
٣٢


الصفحة التالية
Icon