على حوائجكم إلى الله ﴿ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَواةِ ﴾ [البقرة : ١٥٣] أي بالجمع بينهما وأن تصلوا صابرين على تكاليف الصلاة محتملين لمشاقها وما يجب فيها من إخلاص القلب ودفع الوساوس الشيطانية والهواجس النفسانية ومراعاة الآداب والخشوع واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبار السموات والأرض، أو استعينوا على البلايا والنوائب بالصبر عليها والالتجاء إلى الصلاة عند وقوعها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه نعى إليه أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع وصلى ركعتين ثم قال :" واستعينوا بالصبر والصلاة.
وقيل : الصبر الصوم لأنه حبس عن المفطرات ومنه قيل لشهر رمضان شهر الصبر.
وقيل : الصلاة الدعاء أي استعينوا على البلايا بالصبر والالتجاء إلى الدعاء والابتهال إلى الله في دفعه.
﴿ وَإِنَّهَا ﴾ الضمير للصلاة أو للاستعانة.
﴿ لَكَبِيرَةٌ ﴾ لشاقة ثقيلة من قولك " كبر عليّ هذا الأمر " ﴿ إِلا عَلَى الْخَـاشِعِينَ ﴾ [البقرة : ٤٥] لأنهم يتوقعون ما ادخر للصابرين على متاعبها فتهون عليهم، ألا ترى إلى قوله :﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـاقُوا رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة : ٤٦] أي يتوقعون لقاء ثوابه ونيل ما عنده ويطمعون فيه.
وفسر يظنون بـ " يتيقنون " لقراءة عبد الله يعلمون، أي يعلمون أنه لا بد من لقاء الجزاء فيعملون على حسب ذلك، وأما من لم يوقن بالجزاء ولم يرج الثواب كانت عليه مشقة خالصة.
والخشوع الإخبات والتطامن وأما الخضوع فاللين والانقياد.
وفسر اللقاء بالرؤية وملاقو ربهم بمعاينوه بلا كيف.
﴿ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة : ٤٦] لا يملك أمرهم في الآخرة أحد سواه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٨٦
﴿ يَـابَنِى إِسْرَاءِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِىَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ التكرير للتأكيد ﴿ وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ ﴾ [البقرة : ٤٧] نصب عطف على نعمتي أي اذكروا نعمتي وتفضيلي.
﴿ عَلَى الْعَـالَمِينَ ﴾ [البقرة : ٤٧] على الجمع الغفير من الناس يقال " رأيت عالماً من الناس " والمراد الكثرة.
﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا ﴾ [البقرة : ٢٨١] أي يوم القيامة وهو مفعول به لا ظرف.
﴿ لا تَجْزِى نَفْسٌ ﴾ [البقرة : ٤٨] مؤمنة.
﴿ عَن نَّفْسٍ ﴾ [البقرة : ٤٨] كافرة ﴿ شَيْئًا ﴾ أي لا تقضي عنها شيئاً من الحقوق التي لزمتها.
ووشيئاً مفعول به أو مصدر أي قليلاً من الجزاء، والجملة منصوبة المحل صفة ويوماً والعائد منها إلى الموصوف محذوف تقديره لا تجزى فيه وولا يقبل منها شفاعةٌ } ولا تقبل بالتاء : مكي وبصري، والضمير في منها يرجع إلى النفس المؤمنة أي لا تقبل منها شفاعة للكافرة، وقيل : كانت اليهود تزعم أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فأويسوا فهو كقوله :﴿ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَـاعَةُ الشَّـافِعِينَ ﴾ [المدثر : ٤٨]، وتشبث المعتزلة بالآية في نفي الشافعة للعصاة مردود لأن المنفي شفاعة الكفار وقد قال عليه السلام شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي من كذب بها لم ينلها.
﴿ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ﴾ [البقرة : ٤٨] أي فدية لأنها معادلة للمفدي.
﴿ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ [البقرة : ٤٨] يعاونون وجمع لدلالة النفس المنكرة على النفوس الكثيرة، وذكّر لمعنى العباد أو الأناسي.
﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَـاكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ ﴾ [البقرة : ٤٩] أصل آل أهل ولذلك يصغر بأهيل فأبدلت هاؤه ألفاً وخص استعماله بأولى الخطر كالملوك وأشباههم فلا يقال آل الإسكاف والحجام، وفرعون علم لمن ملك العمالقة كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس.
﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾ حال من آل فرعون أي يولونكم من سامه خسفاً إذا أولاه ظلماً، وأصله من سام السلعة إذا طلبها كأنها بمعنى يبغونكم ﴿ سُواءَ الْعَذَابِ ﴾ [غافر : ٤٥] ويريدونكم عليه ومساومة البيع مزيدة أو مطالبة، وسوء مفعول ثانٍ لـ " يسومونكم " وهو مصدر سيىء.
يقال : أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل يراد قبحهما، ومعنى سوء العذاب، والعذاب كله سيىء أشده وأفظعه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٨٦
﴿ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ ﴾ [البقرة : ٤٩] بيان لقوله
٨٨