﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَـاقَكُمْ ﴾ [البقرة : ٨٤] بقبول ما في التوراة.
﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ﴾ [البقرة : ٦٣] أي الجبل حتى قبلتم وأعطيتم الميثاق.
وذلك أن موسى عليه السلام جاءهم بالألواح فرأوا ما فيها من الآصار والتكاليف الشاقة فكبرت عليهم وأبوا قبولها، فأمر الله تعالى جبريل عليه السلام فقلع الطور من أصله ورفعه فظلله فوقهم وقال لهم موسى : إن قبلتم وإلا ألقي عليكم حتى قبلوا وقلنا لكم.
﴿ خُذُوا مَآ ءَاتَيْنَـاكُم ﴾ [البقرة : ٦٣] من الكتاب أي التوراة ﴿ بِقُوَّةٍ ﴾ بجدٍ وعزيمة ﴿ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ ﴾ [البقرة : ٦٣] واحفظوا ما في الكتاب وادرسوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة : ٢١] رجاء منكم أن تكونوا متقين.
ثمّ تولّيتم } ثم أعرضتم عن الميثاق والوفاء به.
﴿ مِّن بَعْدِ ذَالِكَ ﴾ [يوسف : ٤٨] من بعد القبول ﴿ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ﴾ [البقرة : ٦٤] بتأخير العذاب عنكم أو بتوفيقكم
٩٥
للتوبة.
﴿ لَكُنتُم مِّنَ الْخَـاسِرِينَ ﴾ [البقرة : ٦٤] الهالكين في العذاب.
﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ﴾ [البقرة : ٦٥] عرفتم فيتعدى إلى مفعول واحد ﴿ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِى السَّبْتِ ﴾ [البقرة : ٦٥] هو مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت.
وقد اعتدوا فيه أي جاوزوا ما حد لهم فيه من التجرد للعبادة وتعظيمه واشتغلوا بالصيد.
وذلك أن الله تعالى نهاهم أن يصيدوا في السبت ثم ابتلاهم فما كان يبقى حوت في البحر إلا أخرج خرطومه يوم السبت، فإذا مضى تفرقت فحفروا حياضاً عند البحر وشرعوا إليها الجداول، فكانت الحيتان تدخلها يوم السبت لأمنها من الصيد فكانوا يسدون مشارعها من البحر فيصطادونها يوم الأحد، فذلك الحبس في الحياض هو اعتداؤهم.
﴿ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا ﴾ [البقرة : ٦٥] بتكويننا إياكم ﴿ قِرَدَةً خَـاسِئِينَ ﴾ [البقرة : ٦٥] خبر كان أي كونوا جامعين بين القردية والخسوء وهو الصغاروالطرد.
يعني المسخة ﴿ نَكَـالا ﴾ عبرة تنكل من اعتبر بها أن تمنعه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٩٥
﴿ لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا ﴾ [البقرة : ٦٦] لما قبلها.
﴿ وَمَا خَلْفَهَا ﴾ [البقرة : ٦٦] وما بعدها من الأمم والقرون لأن مسختهم ذكرت في كتب الأولين فاعتبروا بها واعتبر بها من بلغتهم من الآخرين.
﴿ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة : ٦٦] الذين نهوهم عن الاعتداء من صالحي قومهم أو لكل متقٍ سمعها.
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ ﴾ [إبراهيم : ٦] أي واذكروا إذ قال موسى، وهو معطوف على نعمتي في قوله ﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة : ٤٠] (البقرة : ٠٤) كأنه قال : اذكروا ذاك واذكروا إذ قال موسى.
وكذلك هذا في الظروف التي مضت أي اذكروا نعمتي، واذكروا وقت إنجائنا إياكم، واذكروا وقت فرقنا، واذكروا نعمتي، واذكروا وقت استسقاء موسى ربه لقومه.
والظروف التي تأتي إلى قوله ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَآءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّـاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ (البقرة ؛ ٤٢١).
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن ﴾ [النساء : ٥٨] أي بأن ﴿ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ﴾ [البقرة : ٦٧] قال المفسرون : أول القصة مؤخر في التلاوة وهو قوله تعالى وإذا قتلتم نفساً فادارأتم فيها.
وذلك أن
٩٦
رجلاً موسراً اسمه " عاميل " قتله بنو عمه ليرثوه وطرحوه على باب مدينة ثم جاؤوا يطالبون بديته فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها ليحيا فيخبرهم بقاتله.
﴿ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ﴾ [البقرة : ٦٧] أتجعلنا مكان هزء أو أهل هزء أو الهزء نفسه لفرط الاستهزاء.
هزأً بسكون الزاي والهمزة : حمزة، وبضمتين والواو : حفص.
غيرهما بالتثقيل والهمزة.
﴿ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ ﴾ [البقرة : ٦٧] العياذ واللياذ من وادٍ واحد.
﴿ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَـاهِلِينَ ﴾ [البقرة : ٦٧] لأن الهزء في مثل هذا من باب الجهل والسفه، وفيه تعريض بهم أي أنتم جاهلون حيث نسبتموني إلى الاستهزاء.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٩٥