﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ ﴾ [البقرة : ٦٨] سؤال عن حالها وصفتها لأنهم كانوا عالمين بماهيتها، لأن " ما " وإن كانت سؤالاً عن الجنس، و " كيف " عن الوصف ولكن قد تقع " ما " موقع " كيف "، وذلك أنهم تعجبوا من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيا فسألوا عن صفة تلك البقرة العجيبة الشان، وما هي خبر ومبتدأ.
﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ ﴾ [البقرة : ٦٨] مسنة، وسميت فارضاً لأنها فرضت سنها أي قطعتها وبلغت آخرها.
وارتفع فارض لأنه صفة لـ " بقرة "، وقوله :﴿ وَلا بِكْرٌ ﴾ [البقرة : ٦٨] فتية عطف عليه.
﴿ عَوَانٌ ﴾ نصف.
﴿ بَيْنَ ذَالِكَ ﴾ [النساء : ١٥٠] بين الفارض والبكر، ولم يقل بين ذينك مع أن " بين " يقتضي شيئين فصاعداً لأنه أراد بين هذا المذكور، وقد يجري الضمير مجرى اسم الإشارة في هذا، قال أبو عبيدة : قلت لرؤبة في قوله :
فيها خطوط من سواد وبلق
كأنه في الجلد توليع البهق
إن أردت الخطوط فقل كأنها.
وإن أردت السواد والبلق فقل كأنهما، فقال : أردت كأن ذاك.
﴿ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ﴾ [البقرة : ٦٨] أي تؤمرونه بمعنى تؤمرون به، أو أمركم بمعنى مأموركم تسمية للمفعول بالمصدر كضرب الأمير.
٩٧
﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ﴾ [البقرة : ٦٩] موضع ما رفع لأن معناه الاستفهام تقديره : ادع لنا ربك يبين لنا أي شيء لونها.
﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا ﴾ [البقرة : ٦٩] الفقوع أشد ما يكون من الصفرة وأنصعه يقال في التوكيد أصفر فاقع، وهو توكيد لصفراء وليس خبراً عن اللون إلا أنه ارتفع اللون به ارتفاع الفاعل، ولا فرق بين قولك صفراء فاقعة وصفراء فاقع لونها، وفي ذكر اللون فائدة التوكيد لأن اللون اسم للهيئة وهي الصفرة فكأنه قيل شديدة الصفرة صفرتها فهو من قولك جد جده ﴿ تَسُرُّ النَّـاظِرِينَ ﴾ [البقرة : ٦٩] لحسنها.
والسرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه.
عن علي رضي الله عنه : من لبس نعلاً صفراء قل همه لقوله تعالى : تسر الناظرين، ﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ ﴾ [البقرة : ٦٨] تكرير للسؤال عن حالها وصفتها واستكشاف زائد ليزدادوا بياناً لوصفها، وعن النبي عليه السلام لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لكفتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم والاستقصاء شؤم ﴿ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَـابَهَ عَلَيْنَا ﴾ [البقرة : ٧٠] إن البقر الموصوف بالتعوين والصفرة كثير فاشتبه علينا ﴿ وَإِنَّآ إِن شَآءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة : ٧٠] إلى البقرة المراد ذبحها أو إلى ما خفي علينا من أمر القاتل، وإن شاء الله اعتراض بين اسم " إن " وخبرها.
وفي الحديث لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد " أي لو لم يقولوا إن شاء الله ﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الارْضَ ﴾ [البقرة : ٧١] لا ذلول صفة لبقرة بمعنى بقرة غير ذلول، يعني لم تذلل للكراب وإثارة الأرض ﴿ وَلا تَسْقِى الْحَرْثَ ﴾ [البقرة : ٧١] ولا هي من النواضح التي يسنى عليها لسقي الحروق، و " لا " الأولى نافية والثانية مزيدة لتوكيد
٩٨


الصفحة التالية
Icon