﴿ وَإِذَا لَقُوا ﴾ [البقرة : ١٤] أي المنافقون أو اليهود.
﴿ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [محمد : ٣] أي المخلصون من أصحاب محمد عليه السلام.
﴿ قَالُوا ﴾ أي المنافقون ﴿ مِّنْ ﴾ بأنكم على الحق وأن محمداً هو الرسول المبشر به.
﴿ وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ ﴾ [البقرة : ٧٦] الذين لم ينافقوا ﴿ إِلَى بَعْضٍ ﴾ [التحريم : ٣] إلى الذين نافقوا ﴿ قَالُوا ﴾ عاتبين عليهم ﴿ أَتُحَدِّثُونَهُم ﴾ أتخبرون أصحاب محمد عليه السلام ﴿ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة : ٧٦] بما بين الله لكم في التوراة من صفة محمد عليه السلام ﴿ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة : ٧٦] ليحتجوا عليكم بما أنزل ربكم في كتابه، جعلوا محاجتهم به وقولهم هو في كتابكم هكذا محاجة عند الله، ألا تراك تقول هو في كتاب الله تعالى هكذا وهو عند الله هكذا بمعنى واحد؟ وقيل : هذا على إضمار المضاف أي عند كتاب ربكم.
وقيل : ليجادلوكم ويخاصموكم به بما قلتم لهم عند ربكم في الآخرة يقولون كفرتم به بعد أن وقفتم على صدقه.
﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة : ٤٤] أن هذه حجة عليكم حيث تعترفون به ثم لا تتابعون
١٠٢
﴿ أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ﴾ [البقرة : ٧٧] جميع ﴿ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [البقرة : ٧٧] ومن ذلك إسرارهم الكفر وإعلانهم الإيمان.
﴿ وَمِنْهُمْ ﴾ ومن اليهود ﴿ أُمِّيُّونَ ﴾ لا يحسنون الكتب فيطالعوا التوراة ويتحققوا ما فيها ﴿ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَـابَ ﴾ [البقرة : ٧٨] التوراة ﴿ إِلا أَمَانِىَّ ﴾ [البقرة : ٧٨] إلا ما هم عليه من أمانيهم وأن الله يعفو عنهم ويرحمهم ولا تمسهم النار إلا أياماً معدودة، أو إلا أكاذيب مختلقة سمعوها من علمائهم فتقبلوها على التقليد ومنه قول عثمان رضي الله عنه : ما تمنيت منذ أسلمت، أو إلا ما يقرؤون من قوله :
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٠٢
تمنى كتاب الله أول ليلة
وآخرها لا في حمام المقادر
أي لا يعلمون هؤلاء حقيقة المنزل وإنما يقرؤون أشياء أخذوها من أحبارهم.
والاستثناء منقطع.
﴿ وَإِنْ هُمْ ﴾ [الأنعام : ١١٦] وما هم ﴿ إِلا يَظُنُّونَ ﴾ [البقرة : ٧٨] لا يدرون ما فيه فيجحدون نبوتك بالظن.
ذكر العلماء الذين عاندوا بالتحريف مع العلم ثم العوام الذين قلدوهم ﴿ فَوَيْلٌ ﴾ في الحديث ويل واد في جهنم ﴿ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَـابَ ﴾ [البقرة : ٧٩] المحرف ﴿ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ من تلقاء أنفسهم من غير أن يكون منزلاً.
وذكر الأيدي للتأكيد وهو من مجاز التأكيد ﴿ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـاذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا ﴾ [البقرة : ٧٩] عوضاً يسيراً.
﴿ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ [البقرة : ٧٩] من الرشا.
﴿ وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ﴾ [البقرة : ٨٠] أربعين يوماً عدد أيام
١٠٣
عبادة العجل.
وعن مجاهد رضي الله عنه : كانوا يقولون مدة الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما نعذب مكان كل ألف سنة يوماً.
﴿ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا ﴾ [البقرة : ٨٠] أي عهد إليكم أنه لا يعذبكم إلا هذا المقدار ﴿ فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُا ﴾ [البقرة : ٨٠] متعلق بمحذوف تقديره إن اتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده ﴿ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٨٠] أم إما أن تكون معادلة أي أتقولون على الله ما تعلمون أم تقولون عليه ما لا تعلمون، أو منقطعة أي بل أتقولون على الله ما لا تعلمون.
﴿ بَلَى ﴾ إثبات لما بعد النفي وهو لن تمسنا النار أي بلى تمسكم أبداً بدليل قوله هم فيها خالدون ﴿ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً ﴾ [البقرة : ٨١] شركاً عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما رضي الله عنهم ﴿ وَأَحَـاطَتْ بِهِ ﴾ وسدت عليه مسالك النجاة بأن مات على شركه، فأما إذا مات مؤمناً فأعظم الطاعات وهو الإيمان معه فلا يكون الذنب محيطاً به فلا يتناوله النص، وبهذا التأويل يبطل تشبث المعتزلة والخوارج.
وقيل : استولت عليه كما يحيط العدو ولم يتفصّ عنها بالتوبة، خطياته مدني.
﴿ خَطِياـئَتُهُ فَأُوالَـائِكَ أَصْحَـابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـالِدُونَ ﴾ [البقرة : ٨١].
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٠٢


الصفحة التالية
Icon