﴿ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى الاخِرَةِ مِنْ خَلَـاقٍ ﴾ من نصيب ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَـافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ باعوها وإنما نفى العلم عنهم بقوله ﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ١٠٢] مع إثباته لهم بقوله ولقد علموا على سبيل التوكيد القسمي لأن معناه لو كانوا يعلمون بعلمهم جعلهم حين لم يعلموا به كأنهم لا يعلمون.
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا ﴾ [البقرة : ١٠٣] برسول الله والقرآن ﴿ وَاتَّقُوا ﴾ الله فتركوا ما هم عليه من نبذ كتاب الله واتباع كتب الشياطين ﴿ لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ١٠٣] أن ثواب الله خير مما هم فيه وقد علموا، لكنه جهلهم لما تركوا العمل بالعلم والمعنى : لأثيب من عند الله ما هو خير، وأوثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب لو لما فيها من الدلالة على ثبات المثوبة واستقرارها.
ولم يقل لمثوبة الله خير لأن المعنى لشيء من الثواب خير لهم.
وقيل : لو بمعنى التمني كأنه قيل : وليتهم آمنوا ثم ابتدأ لمثوبة من عند الله خير.
﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا ﴾ كان المسلمون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا ألقي عليهم شيئاً من العلم : راعنا يا رسول الله أي راقبنا وانتظرنا حتى نفهمه ونحفظه، وكانت لليهود كلمة يتسابون بها عبرانية أو سريانية وهي " راعينا "، فلما سمعوا بقول المؤمنين " راعنا " افترصوه وخاطبوا به الرسول وهم يعنون به تلك المسبة فنهى المؤمنون عنها وأمروا بما هو في معناها وهو " انظرنا " من نظره إذا انتطره.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١١٢
﴿ وَاسْمَعُوا ﴾ وأحسنوا سماع ما يكلمكم به رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويلقي عليكم من المسائل بآذان واعية وأذهان حاضرة حتى لا تحتاجوا إلى الاستعادة وطلب المراعاة، أو واسمعوا سماع قبول وطاعة ولا يكن سماعكم كسماع اليهود حيث قالوا سمعنا وعصينا.
﴿ وَلِلْكَـاـفِرِينَ ﴾ ولليهود الذين سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة : ١٠٤] مؤلم.
١١٥
﴿ مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَـابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم ﴾ [البقرة : ١٠٥] وبالتخفيف : مكي وأبو عمرو.
﴿ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [البقرة : ١٠٥] من الأولى للبيان لأن الذين كفروا جنس تحته نوعان : أهل الكتاب والمشركون، والثانية مزيدة لاستغراق الخير، والثالثة لابتداء الغاية.
والخير الوحي وكذلك الرحمة.
﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ [البقرة : ١٠٥] يعني أنهم يرون أنفسهم أحق بأن يوحى إليهم فيحسدونكم وما يحبون أن ينزل عليكم شيء من الوحي والله يختص بالتوبة من يشاء ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة : ١٠٥] فيه إشعار بأن إيتاء النبوة من الفضل العظيم ولما طعنوا في النسخ فقالوا : ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غداً نزل :
جزء : ١ رقم الصفحة : ١١٢