هذا العام مشرك.
وقيل : معناه النهي عن تمكينهم من الدخول والتخلية بينهم وبينه كقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب : ٥٣] (الأحزاب : ٣٥) ﴿ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ ﴾ [البقرة : ١١٤] قتل وسبي للحربي وذلة بضرب الجزية للذمي ﴿ وَلَهُمْ فِى الاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة : ١١٤] أي النار.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١١٨
﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ﴾ [البقرة : ١١٥] أي بلاد المشرق والمغرب كلها له وهو مالكها ومتوليها ﴿ فَأَيْنَمَا ﴾ شرط ﴿ تَوَلَّوْا ﴾ مجزوم به أي ففي أي مكان فعلتم التولية يعني تولية وجوهكم شطر القبلة بدليل قوله تعالى :﴿ شَطْرَهُ ﴾ (البقرة : ٤٤١)، والجواب ﴿ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة : ١١٥] أي جهته التي أمر بها ورضيها.
والمعنى أنكم إذا منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس فقد جعلت لكم الأرض مسجداً فصلوا في أي بقعة شئتم من بقاعها وافعلوا التولية فيها، فإن التولية ممكنة في كل مكان.
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة : ١١٥] أي هو واسع الرحمة يريد التوسعة على عباده وهو عليم بمصالحهم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : نزلت في صلاة المسافر على الراحلة أينما توجهت.
وقيل : عميت القبلة على قوم فصلوا إلى أنحاء مختلفة، فلما أصبحوا تبينوا خطأهم فعذروا.
هو حجة على الشافعي رحمه الله فيما إذا استدبر.
وقيل : فأينما تولوا للدعاء والذكر.
﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾ [البقرة : ١١٦] يريد الذين قالوا المسيح ابن الله وعزيز ابن الله.
قالوا : شامي فإثبات الواو باعتبار أنه قصة معطوفة على ما قبلها، وحذفه باعتبار أنه استئناف قصة أخرى.
﴿ سُبْحَـانَهُ ﴾ تنزيه له عن ذلك وتبعيد ﴿ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [البقرة : ١١٦] أي هو خالقه ومالكه ومن جملته المسيح وعزيز والولادة تنافي الملك.
﴿ كُلٌّ لَّهُ قَـانِتُونَ ﴾ [البقرة : ١١٦] منقادون لا يمتنع شيء منهم على تكوينه وتقديره.
والتنوين في كل عوض عن المضاف إليه أي كل ما في السموات والأرض، أو كل من جعلوه لله
١٢٠
ولداً له قانتون مطيعون عابدون مقرون بالربوبية منكرون لما أضافوا إليهم.
وجاء بـ ما الذي لغير أولي العلم مع قوله قانتون كقوله " سبحان ما سخركن لنا " ﴿ بَدِيعُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [الأنعام : ١٠١] أي مخترعهما ومبدعهما لا على مثال سبق.
وكل من فعل ما لم يسبق إليه يقال له أبدعت ولهذا قيل لمن خالف السنة والجماعة مبتدع لأنه يأتي في دين الإسلام ما لم يسبقه إليه الصحابة والتابعون رضي الله عنهم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١١٨
﴿ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا ﴾ [البقرة : ١١٧] أي حكم أو قدر ﴿ فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [البقرة : ١١٧] هو من " كان " التامة أي أحدث فيحدث وهذا مجاز عن سرعة التكوين وتمثيل ولا قول ثمّ.
وإنما المعنى أن ما قضاه من الأمور وأراد كونه فإنما يتكون، ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف كما أن المأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل لا يتوقف ولا يمتنع ولا يكون منه إباء.
وأكد بهذا استبعاد الولادة لأن من كان بهذه الصفة من القدرة كانت صفاته مباينة لصفات الأجسام فأنى يتصور التوالد ثمّ.
والوجه الرفع في فيكون وهو قراءة العامة على الاستئناف أي فهو يكون، أو على العطف على يقول.
ونصبه ابن عامر على لفظ كن لأنه أمر وجواب الأمر بالفاء نصب.
وقلنا : إن كن ليس بأمر حقيقة إذ لا فرق بين أن يقال وإذ قضى أمرا فإنما يكونه فيكون وبين أن يقال فإنما يقول له كن فيكون، وإذا كان كذلك فلا معنى للنصب.
وهذا لأنه لو كان أمراً فإما أن يخاطب به الموجود والموجود لا يخاطب بـ " كن " أو المعدوم والمعدوم لا يخاطب.


الصفحة التالية
Icon