﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ١١٨] من المشركين أو من أهل الكتاب، ونفى عنهم العلم لأنهم لم يعملوا به ﴿ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ ﴾ [البقرة : ١١٨] هلا يكلمنا كما يكلم الملائكة وكلم موسى استكباراً منهم وعتواً ﴿ أَوْ تَأْتِينَآ ءَايَةٌ ﴾ [البقرة : ١١٨] جحوداً لأن يكون ما أتاهم من آيات الله آيات واستهانه بها ﴿ كَذَالِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَـابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ أي قلوب هؤلاء ومن قبلهم في العمى ﴿ قَدْ بَيَّنَّا الايَـاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة : ١١٨] أي لقوم ينصفون
١٢١
فيوقنون أنها آيات يجب الاعتراف بها والإذعان لها والاكتفاء بها عن غيرها ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَـاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا ﴾ [البقرة : ١١٩] للمؤمنين بالثواب ﴿ وَنَذِيرًا ﴾ للكافرين بالعقاب ﴿ وَلا تُسْـاَلُ عَنْ أَصْحَـابِ الْجَحِيمِ ﴾ [البقرة : ١١٩] ولا نسألك عنهم ما لهم لم يؤمنوا بعد أن بلّغت وبلغت جهدك في دعوتهم وهو حال كـ " نذيراً " وبشيراً وبالحق أي وغير مسؤول أو مستأنف.
قراءة نافع ولا تسأل على النهي ومعناه ما وقع فيه الكفار من العذاب كما تقول : كيف فلان سائلاً عن الواقع في بلية فيقال لك : لا تسأل عنه.
وقيل : نهى الله نبيه عن السؤال عن أحوال الكفرة حين قال ليت شعري ما فعل أبواي.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١١٨
﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة : ١٢٠] كأنهم قالوا لن نرضى عنك وإن أبلغت في طلب رضانا حتى تتبع ملتنا إقناطاً منهم لرسول الله عن دخولهم في الإسلام، فذكر الله عز وجل كلامهم.
﴿ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ ﴾ [البقرة : ١٢٠] الذي رضي لعباده ﴿ هُوَ الْهُدَى ﴾ [الأنعام : ٧١] أي الإسلام.
وهو الهدى كله ليس وراءه هدى والذي تدعون إلى اتباعه ما هو هدى إنما هو هوى.
ألا ترى إلى قوله ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم ﴾ [البقرة : ١٢٠] أي أقوالهم التي هي أهواء وبدع ﴿ بَعْدَ الَّذِي جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ﴾ [البقرة : ١٢٠] أي من العلم بأن دين الله هو الإسلام أو من الدين المعلوم صحته بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة ﴿ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ ﴾ من عذاب الله ﴿ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة : ١٠٧] ناصر.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١١٨
﴿ الَّذِينَ ﴾ مبتدأ ﴿ الْكِتَـابِ مِنَ ﴾ [القصص : ٥٢] صلته وهم مؤمنو أهل الكتاب وهو التوراة والإنجيل، أو أصحاب النبي عليه السلام والكتاب القرآن.
﴿ يَتْلُونَهُ ﴾ حال مقدرة من " هم " لأنهم لم يكونوا تالين له وقت إيتائه، ونصب على المصدر.
﴿ حَقَّ تِلاوَتِهِ ﴾ [البقرة : ١٢١] أي يقرأونه حق قراءته في الترتيل وأداء الحروف والتدبر والتفكر، أو يعملون به ويؤمنون بما فيه مضمونه ولا يغيرون ما فيه من نعت النبي صلى الله عليه وسلّم.
﴿ أُوالَـائِكَ ﴾ مبتدأ خبره
١٢٢
﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ به } والجملة خبر الذين ويجوز أن يكون يتلونه خبراً، والجملة خبر آخر.
﴿ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوالَـائكَ هُمُ الْخَـاسِرُونَ ﴾ [البقرة : ١٢١] حيث اشتروا الضلالة بالهدى ﴿ يَـابَنِى إِسْرَاءِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِىَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ أي أنعمتها عليكم ﴿ وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَـالَمِينَ ﴾ [البقرة : ٤٧] وتفضيلي إياكم على عالمي زمانكم ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَـاعَةٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ [البقرة : ١٢٣] هم رفع بالابتداء والخبر ينصرون.
والجمل الأربع وصف لـ يوماً أي واتقوا يوماً لا تجزى فيه ولا يقبل فيه ولا تنفعها فيه ولا هم ينصرون فيه.
وتكرير هاتين الآيتين لتكرار المعاصي منهم، وختم قصة بني إسرائيل بما بدأ به.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٢٢


الصفحة التالية
Icon