يكون في العقلاء من يرغب عن الحق الواضح الذي هو ملة إبراهيم.
والملة السنة والطريقة كذا عن الزجاج ﴿ إِلا مَنِ ﴾ [سبأ : ٣٧] في محل الرفع على البدل من الضمير في يرغب، وصح البدل لأن من يرغب غير موجب كقولك " هل جاءك أحد إلا زيد " والمعنى وما يرغب عن ملة إبراهيم إلا من ﴿ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾ [البقرة : ١٣٠] أي جهل نفسه أي لم يفكر في نفسه.
فوضع سفه موضع جهل وعدي كما عدي، أومعناه سفه في نفسه فحذف في كما حذف " من " في قوله ﴿ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ ﴾ [الأعراف : ١٥٥] (الأعراف : ٥٥١) أي من قومه، وعلى في قوله :﴿ وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِى أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـاكِن لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَن تَقُولُوا قَوْلا مَّعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَـابُ أَجَلَهُا وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾.
أي على عقدة النكاح والوجهان عن الزجاج.
وقال الفراء : هو منصوب على التمييز وهو ضعيف لكونه معرفة.
﴿ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَـاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الاخِرَةِ لَمِنَ الصَّـالِحِينَ ﴾ [البقرة : ١٣٠] بيان لخطأ رأي من يرغب عن ملته لأن من جمع كرامة الدارين لم يكن أحد أولى بالرغبة من طريقته منه ﴿ إِذْ قَالَ ﴾ [البقرة : ٢٥٨] ظرف لاصطفيناه، أو انتصب بإضمار " اذكر " كأنه قيل : اذكر ذلك الوقت لتعلم أنه المصطفى الصالح الذي لا يرغب عن ملة مثله.
﴿ لَهُ رَبُّهُا أَسْلِمْ ﴾ [البقرة : ١٣١] أذعن أو أطع أو أخلص دينك لله ﴿ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَـالَمِينَ ﴾ [البقرة : ١٣١] أي أخلصت أو انقدت.
﴿ وَوَصَّى ﴾ وأوصى مدني وشامي.
﴿ بِهَآ ﴾ بالملة أو بالكلمة وهي أسلمت لرب العالمين ﴿ إِبْرَاهِ مُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ﴾ [البقرة : ١٣٢] هو معطوف على إبراهيم داخل في حكمه والمعنى ووصى بها يعقوب بنيه أيضاً ﴿ أَوْ بَنِى ﴾ على إضمار القول ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ﴾ [البقرة : ١٣٢] أي أعطاكم الدين الذي هو صفوة الأديان وهو دين الإسلام ووفقكم للأخذ به ﴿ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [البقرة : ١٣٢] فلا يكن موتكم إلا على حال كونكم ثابتين على الإسلام، فالنهي في الحقيقة عن كونهم على خلاف حال الإسلام إذا ماتوا كقولك " لا تصلّ إلا وأنت خاشع " فلا تنهاه عن الصلاة ولكن عن ترك الخشوع في صلاته.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٢٤
﴿ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ﴾ [البقرة : ١٣٣] أم منقطعة ومعنى الهمزة
١٢٧


الصفحة التالية
Icon