﴿ قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِى اللَّهِ ﴾ [البقرة : ١٣٩] أي أتجادلوننا في شأن الله واصطفائه النبي من العرب دونكم وتقولون لو أنزل الله على أحد لأنزل علينا وترونكم أحق بالنبوة منا ﴿ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ﴾ [البقرة : ١٣٩] نشرك جميعاً في أننا عباده وهو ربنا وهو يصيب برحمته وكرامته من يشاء من عباده ﴿ وَلَنَآ أَعْمَـالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـالُكُمْ ﴾ [البقرة : ١٣٩] يعني أن العمل هو أساس الأمر وكما أن لكم أعمالاً فلنا كذلك ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ﴾ [البقرة : ١٣٩] أي نحن له موحدون نخصه بالإيمان وأنتم به مشركون، والمخلص أحرى بالكرامة وأولى بالنبوة من غيره.
١٣٠
﴿ أَمْ تَقُولُونَ ﴾ [البقرة : ١٤٠] بالتاء شامي وكوفي غير أبي بكر.
وأم على هذا معادلة للهمزة في أتحاجوننا يعني أي الأمرين تأتون : المحاجة في حكم الله أم إدعاء اليهودية والنصرانية على الأنبياء؟ أو منقطعة أي بل أتقولون.
يقولون : غيرهم بالياء، وعلى هذا لا تكون الهمزة إلا منقطعة.
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِ مَ وَإِسْمَـاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالاسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَـارَى ﴾ [البقرة : ١٤٠] ثم أمر نبيه عليه السلام أن يقول مستفهماً راداً عليهم بقوله :﴿ قُلْ ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ﴾ [البقرة : ١٤٠] يعني أن الله شهد لهم بملة الإسلام في قوله :﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلاَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا ﴾ (آل عمران : ٧٦).
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَـادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ ﴾ [البقرة : ١٤٠] أي كتم شهادة الله التي عنده أنه شهد بها وهي شهادة الله لإبراهيم بالحنيفية.
والمعنى أن أهل الكتاب لا أحد أظلم منهم لأنهم كتموا هذه الشهادة وهم عالمون بها، أو أنا لو كتمنا هذه الشهادة لم يكن أحد أظلم منا فلا نكتمها.
وفيه تعريض بكتمانهم شهادة الله لمحمد عليه السلام بالنبوة في كتبهم وسائر شهاداته.
ومن في قوله من الله مثلها في قولك " هذه شهادة مني لفلان " إذا شهدت له في أنها صفة لها.
﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَـافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة : ٧٤] من تكذيب الرسل وكتمان الشهادة.
﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْـاَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة : ١٣٤] كررت للتأكيد أو لأن المراد بالأول الأنبياء عليهم السلام وبالثاني أسلاف اليهود والنصارى.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٣٠
﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَآءُ مِنَ النَّاسِ ﴾ [البقرة : ١٤٢] الخفاف الأحلام فأصل السفه الخفة، وهم اليهود لكراهتهم التوجه إلى الكعبة وأنهم لا يرون النسخ، أو المنافقون لحرصهم على الطعن والاستهزاء، أو المشركون لقولهم " رغب عن قبلة آبائه ثم رجع إليها والله ليرجعن إلى دينهم ".
وفائدة الإخبار بقولهم قبل وقوعه توطين النفس إذ المفاجأة بالمكروه أشد، وإعداد الجواب قبل الحاجة إليه أقطع للخصم فقبل الرمي يراش السهم.
﴿ مَا وَلَّـاهُمْ ﴾ [البقرة : ١٤٢] ما صرفهم ﴿ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُوا عَلَيْهَا ﴾ [البقرة : ١٤٢] يعنون بيت المقدس.
١٣١


الصفحة التالية
Icon