عطف على تبرأ ﴿ بِهِمُ الاسْبَابُ ﴾ [البقرة : ١٦٦] الوصل التي كانت بينهم من الاتفاق على دين واحد ومن الأنساب والمحاب.
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ﴾ [البقرة : ١٦٧] أي الاتباع ﴿ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً ﴾ [البقرة : ١٦٧] رجعة إلى الدنيا ﴿ فَنَتَبَرَّأَ ﴾ نصب على جواب التمني لأن لو في معنى التمني والمعنى ليت لنا كرة فنتبرأ ﴿ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ﴾ [البقرة : ١٦٧] الآن ﴿ كَذَالِكَ ﴾ مثل ذلك الإراء الفظيع ﴿ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَـالَهُمْ ﴾ [البقرة : ١٦٧] أي عبادتهم الأوثان ﴿ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ﴾ [البقرة : ١٦٧] ندامات.
وهي مفعول ثالث لـ يريهم ومعناه أن أعمالهم تنقلب عليهم حسرات فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم.
﴿ وَمَا هُم بِخَـارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [البقرة : ١٦٧] بل هم فيها دائمون.
ونزل فيمن حرموا على أنفسهم البحائر ونحوها.
﴿ النَّارِ * يَـا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا ﴾ أمر إباحة ﴿ مِمَّا فِى الارْضِ ﴾ [البقرة : ١٦٨] من للتبعيض لأن كل ما في الأرض ليس بمأكول ﴿ حَلَـالا ﴾ مفعول كلوا " أو حال مما في الأرض ﴿ طَيِّبًا ﴾ طاهراً من كل شبهة ﴿ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَـانِ ﴾ [البقرة : ١٦٨] طرقه التي يدعوكم إليها بسكون الطاء : أبو عمر غير عباس ونافع وحمزة وأبو بكر.
والخطوة في الأصل ما بين قدمي الخاطي.
يقال اتبع خطواته إذا اقتدى به واستن بسنته.
﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ [البقرة : ١٦٨] ظاهر العداوة لاخفاءه به.
وأبان متعدٍ ولازم.
ولا يناقض هذه الآية قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّـاغُوتُ ﴾ [البقرة : ٢٥٧] (البقرة : ٧٥٢) أي
١٤٣
الشيطان لأنه عدو للناس حقيقة ووليهم ظاهراً فإنه يريهم في الظاهر الموالاة ويزين لهم أعمالهم ويريد بذلك هلاكهم في الباطن.
﴿ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم ﴾ [البقرة : ١٦٩] بيان لوجوب الانتهاء عن اتباعه وظهور عداوته أي لا يأمركم بخير قط إنما يأمركم ﴿ بِالسُّواءِ ﴾ بالقبيح ﴿ وَالْفَحْشَآءِ ﴾ وما يتجاوز الحد في القبح من العظائم.
وقيل : السوء ما لاحد فيه والفحشاء ما فيه حد ﴿ وَأَن تَقُولُوا ﴾ [البقرة : ١٦٩] في موضع الجر بالعطف على بالسوء أي وبأن تقولوا ﴿ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٨٠] هو قولكم هذا حلال وهذا حرام بغير علم، ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٤٢
لغاية صفحة ٤٢١
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ اللَّهُ ﴾ [البقرة : ١٧٠] الضمير للناس.
وعدل بالخطاب عنهم على طريق الالتفاف.
قيل : هم المشركون.
وقيل : طائفة من اليهود لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الإيمان واتباع القرآن، ﴿ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا ﴾ [البقرة : ١٧٠] وجدنا ﴿ عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ ﴾ [البقرة : ١٧٠] فإنهم كانوا خيراً منا وأعلم فرد الله عليهم بقوله ﴿ أَوَلَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ ﴾ [البقرة : ١٧٠] الواو للحال والهمزة بمعنى الرد والتعجب معناه أيتبعونهم ولو كان آباؤهم ﴿ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا ﴾ [البقرة : ١٧٠] من الذين ﴿ وَلا يَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة : ١٧٠] للصواب.
ثم ضرب لهم مثلاً فقال ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [البقرة : ١٧١] المضاف محذوف أي ومثل داعي الذين كفروا ﴿ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ ﴾ [البقرة : ١٧١] يصيح والمراد ﴿ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَآءً وَنِدَآءً ﴾ [البقرة : ١٧١] البهائم.
والمعنى مثل داعيهم إلى الإيمان في أنهم لا يسمعون من الدعاء إلا جرس النغمة ودوي الصوت من غير إلقاء أذهان ولا استبصار كمثل الناعق بالبهائم التي لا تسمع إلا دعاء الناعق ونداءه الذي هو تصويت بها وزجر لها ولا تفقه شيئاً آخر كما يفهم العقلاء.
والنعقيق : التصويت، يقال نعق المؤذن ونعق الراعي بالضأن والنداء ما يسمع والدعاء قد يسمع وقد لا يسمع.
﴿ صُمُّ ﴾ خبر مبتدأ مضمر أي هم صم ﴿ بِكُمُ ﴾ خبر
١٤٤
ثانٍ ﴿ عُمْىٌ ﴾ عن الحق خبر ثالث ﴿ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة : ١٧١] الموعظة، ثم بين أن ما حرمه المشركون حلال فقال :
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٤٢


الصفحة التالية
Icon