﴿ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ ﴾ [التوبة : ٣] عن التوبة أو تبتم على التولي والإعراض عن الإسلام ﴿ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ ﴾ [التوبة : ٣] غير سابقين الله ولا فائتين أخذه وعقابه ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦٥
التوبة : ٣] مكان بشارة المؤمنين بنعيم مقيم ﴿ إِلا الَّذِينَ عَـاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة : ٤] استثناء من قوله ﴿ فَسِيحُوا فِى الارْضِ ﴾ [التوبة : ٢] والمعنى : براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فقولوا لهم سيحوا إلا الذين عاهدتم منهم ﴿ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شيئا ﴾ [التوبة : ٤] من شروط العهد أي وفوا بالعهد ولم ينقضوه.
وقرىء ﴿ لِمَ ﴾ أي عهدكم وهو أليق لكن المشهورة أبلغ لأنه في مقابلة التمام ﴿ شيئا وَلَمْ يُظَـاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا ﴾ [التوبة : ٤] ولم يعاونوا عليكم عدواً ﴿ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ ﴾ [التوبة : ٤] فأدوه إليهم تاماً كملاً ﴿ إِلَى مُدَّتِهِمْ ﴾ [التوبة : ٤] إلى تمام مدتهم، والاستثناء بمعنى الاستدراك كأنه قيل بعد أن أمروا في الناكثين : لكن الذين لم ينكثوا فأتموا إليهم عهدهم ولا تجروهم مجراهم ولا تجعلوا الوفي كالغادر ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة : ٤] يعني أن قضية التقوى ألا يسوّي بين الفريقين فاتقوا الله في ذلك.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦٥
﴿ فَإِذَا انسَلَخَ ﴾ [التوبة : ٥] مضى أو خرج ﴿ الاشْهُرُ الْحُرُمُ ﴾ [التوبة : ٥] التي أبيح فيها للناكثين أن يسيحوا ﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة : ٥] الذين نقضوكم وظاهروا عليكم ﴿ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ [التوبة : ٥] من حل أو حرم ﴿ وَخُذُوهُمْ ﴾ وأسروهم، والأخيذ : الأسير ﴿ وَاحْصُرُوهُمْ ﴾ وقيدوهم وامنعوهم من التصرف في البلاد ﴿ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ﴾ [التوبة : ٥] كل ممر ومجتاز ترصدونهم به، وانتصابه على الظرف.
﴿ فَإِن تَابُوا ﴾ [التوبة : ٥] عن الكفر ﴿ فَإِذَا انسَلَخَ الاشْهُرُ ﴾ فأطلقوا عنهم بعد الأسر والحصر، أو فكفوا عنهم ولا تتعرضوا لهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ﴾ [البقرة : ٢٣٥] بستر الكفر والغدر بالإسلام ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ برفع القتل قبل الأداء بالإلتزام
١٦٨
﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ ﴾ [التوبة : ٦] ﴿ أَحَدٍ ﴾ مرتفع بفعل شرط مضمر يفسره الظاهر أي وإن استجارك أحد استجارك، والمعنى وإن جاءك أحد من المشركين بعد انقضاء الأشهر لا عهد بينك وبينه واستأمنك ليسمع ما تدعو إليه من التوحيد والقرآن فأمّنه ﴿ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَـامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة : ٦] ويتدبره ويطلع على حقيقة الأمر على أن المستأمن لا يؤذي وليس له الإقامة في دارنا ويمكن من العود ﴿ ذَالِكَ ﴾ أي الأمر بالإجارة في قوله ﴿ فَأَجِرْهُ ﴾ ﴿ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة : ٦] بسبب أنهم قوم جهلة لا يعلمون ما الإسلام وما حقيقة ما تدعو إليه، فلا بد من إعطائهم الأمان حتى يسمعوا أو يفهموا الحق ﴿ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ ﴾ [التوبة : ٧] ﴿ كَيْفَ ﴾ استفهام في معنى الاستنكار أي مستنكر أن يثبت لهؤلاء عهد فلا تطمعوا في ذلك ولا تحدثوا به نفوسكم ولا تفكروا في قتلهم.
ثم استدرك ذلك بقوله
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦٥


الصفحة التالية
Icon