التوبة : ١٢] شامي أي لا إسلام ﴿ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ﴾ [التوبة : ١٢] متعلق بـ ﴿ فَقَـاتِلُوا أَاـاِمَّةَ الْكُفْرِ ﴾ [التوبة : ١٢] وما بينها اعتراض أي ليكن غرضكم في مقاتلتهم انتهاءهم عما هم عليه بعدما وجد منهم من العظائم، وهذا من غاية كرمه على المسي.
ثم حرض على القتال فقال :﴿ أَلا تُقَـاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَـانَهُمْ ﴾ [التوبة : ١٣] التي حلفوها في المعاهد ﴿ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ ﴾ [التوبة : ١٣] من مكة ﴿ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [التوبة : ١٣] بالقتال والبادىء أظلم فما يمنعكم من أن تقاتلوهم، وبخهم بترك مقاتلتهم وحضهم عليها، ثم وصفهم بما يوجب الحض عليها من نكث العهد وإخراج الرسول والبدء بالقتال من غير موجب ﴿ أَتَخْشَوْنَهُمْ ﴾ توبيخ على الخشية منهم ﴿ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ ﴾ [التوبة : ١٣] بأن تخشوه فقاتلوا أعداءه ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة : ٩١] فاخشوه أي إن قضية الإيمان الكامل أن لا يخشى المؤمن إلا ربه ولا يبالي بمن سواه.
ولما وبخهم الله على ترك القتال جرد لهم الأمر به بقوله :
﴿ قَـاتِلُوهُمْ ﴾ ووعدهم النصر ليثبت قلوبهم ويصحح نياتهم بقوله ﴿ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ﴾ [التوبة : ١٤] قتلاً ﴿ وَيُخْزِهِمْ ﴾ أسراً ﴿ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة : ١٤] يغلّبكم عليهم ﴿ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة : ١٤] طائفة منهم وهم خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
١٧١
﴿ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ﴾ [التوبة : ١٥] لما لقوا منهم من المكروه وقد حصل الله هذه المواعيد كلها فكان دليلاً على صحة نبوته ﴿ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَآءُ ﴾ [التوبة : ١٥] ابتداء كلام وإخبار بأن بعض أهل مكة يتوب عن كفره وكان ذلك أيضاً، فقد أسلم ناس منهم كأبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو، وهي ترد على المعتزلة قولهم " إن الله تعالى شاء أن يتوب على جميع الكفرة لكنهم لا يتوبون باحتيارهم ".
﴿ وَاللَّهُ عَلِيمُ ﴾ [البقرة : ٩٥] يعلم ما سيكون كما يعلم ما قد كان ﴿ حَكِيمٌ ﴾ في قبول التوبة ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَـاهَدُوا مِنكُمْ ﴾ [التوبة : ١٦] " أم " منقطعة والهمزة فيها للتوبيخ على وجود الحسبان أي لا تتركون على ما أنتم عليه حتى يتبين المخلص منكم وهم الذين جاهدوا في سبيل الله لوجه الله ﴿ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ﴾ [التوبة : ١٦] أي بطانة من الذين يضادون رسول الله صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين ولما معناها التوقع، وقد دلت على أن تبين ذلك متوقع كائن، وأن الذين لم يخلصوا دينهم لله يميز بينهم وبين المخلصين.
﴿ وَلَمْ يَتَّخِذُوا ﴾ [التوبة : ١٦] معطوف على ﴿ جَـاهَدُوا ﴾ داخل في حيز الصلة كأنه قيل : ولما يعلم الله المجاهدين منكم والمخلصين غير المتخذين وليجة من دون الله، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم كقولك " ما علم الله مني ما قيل فيّ ".
تريد ما وجد ذلك مني، والمعنى أحسبتم أن تتركوا بلا مجاهدة ولا براءة من المشركين ﴿ وَاللَّهُ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [آل عمران : ١٥٣] من خير أو شر فيجازيكم عليه.
١٧٢