رغبتهم في الانبعاث والتثبيط التوقيف عن الأمر بالتزهيد فيه ﴿ وَقِيلَ اقْعُدُوا ﴾ [التوبة : ٤٦] أي قال بعضهم لبعض، أو قاله الرسول عليه السلام غضباً عليهم، أو قاله الشيطان بالوسوسة ﴿ مَعَ الْقَـاعِدِينَ ﴾ [التوبة : ٤٦] هو ذم لهم وإلحاق بالنساء والصبيان والزمني الذين شأنهم القعود في البيوت.
﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ ﴾ [التوبة : ٤٧] بخروجهم معكم ﴿ إِلا خَبَالا ﴾ [التوبة : ٤٧] إلا فساداً وشراً، والاستثناء متصل لأن المعنى ما زادوكم شيئاً إلا خبالاً، والاستثناء المنقطع أن يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه كقولك " ما زداوكم خيراً إلا خبالاً والمستثنى منه في هذا الكلام غير مذكور، وإذا لم يذكر وقع الاستثناء من الشيء فكان استثناء متصلاً لأن الخبال بعضه ﴿ وَلاوْضَعُوا خِلَـالَكُمْ ﴾ [التوبة : ٤٧] ولسعوا بينكم بالتضريب والنمائم وإفساد ذات البين.
يقال : وضع البعير وضعاً إذا أسرع.
وأوضعته أنا.
والمعنى ولأوضعوا ركائبهم بينكم، والمراد الإسراع بالنمائم لأن الراكب أسرع من الماشي.
وخط في المصحف ﴿ وَلا ﴾ بزيادة الألف لأن الفتحة كانت تكتب ألفاً قبل الخط العربي، والخط العربي اخترع قريباً من نزول القرآن وقد بقي من تلك
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٤
الألف أثر في الطباع فكتبوا صورة الهمزة ألفاً وفتحها ألفاً أخرى ونحوه ﴿ أَوْ لا ﴾ (النمل : ١٢) ﴿ خِلَـالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ﴾ [التوبة : ٤٧] حال من الضمير في ﴿ إِلَى الْفِتْنَةِ ﴾ [النساء : ٩١] أي يطلبون أن يفتنوكم بأن يوقعوا الخلاف فيما بينكم ويفسدوا نياتكم في مغزاكم ﴿ وَفِيكُمْ سَمَّـاعُونَ لَهُمْ ﴾ [التوبة : ٤٧] أي نمامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمُ بِالظَّـالِمِينَ ﴾ [البقرة : ٩٥] بالمنافقين ﴿ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ ﴾ [التوبة : ٤٨] بصد الناس أو بأن يفتكوا به عليه السلام ليلة العقبة، أو بالرجوع يوم أحد ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ [يوسف : ٦] من قبل غزوة تبوك ﴿ وَقَلَّبُوا لَكَ الامُورَ ﴾ [التوبة : ٤٨] ودبروا لك الحيل والمكايد ودوّروا الآراء في إبطال أمرك ﴿ حَتَّى جَآءَ الْحَقُّ ﴾ [التوبة : ٤٨] وهو تأييدك ونصرك ﴿ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ ﴾ [التوبة : ٤٨] وغلب دينه وعلا شرعه ﴿ وَهُمْ كَـارِهُونَ ﴾ [التوبة : ٤٨] أي على رغم منهم.
١٨٦
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٤
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٧


الصفحة التالية
Icon