﴿ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلا تَفْتِنِّى ﴾ [التوبة : ٤٩] ولا توقعني في الفتنة وهي الإثم بأن لا تأذن لي فإني إن تخلفت بغير إذنك أثمت، أولا تلقني في الهلكة فإني إذا خرجت معك هلك مالي وعيالي.
وقيل : قال الجد بن قيس المنافق : قد علمت الأنصار إني مستهتر بالنساء فلا تفتني ببنات الأصفر ـ يعني نساء الروم ـ ولكني أعينك بمالي فاتركني ﴿ أَلا فِى الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ﴾ [التوبة : ٤٩] يعني أن الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلف ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُ بِالْكَـافِرِينَ ﴾ [التوبة : ٤٩] الآن لأن أسباب الإحاطة معهم أو هي تحيط بهم يوم القيامة ﴿ إِن تُصِبْكَ ﴾ [التوبة : ٥٠] في بعض الغزوات ﴿ حَسَنَةٌ ﴾ ظفر وغنيمة ﴿ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ ﴾ [التوبة : ٥٠] نكبة وشدة في بعضها نحو ما جرى يوم أحد ﴿ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَآ أَمْرَنَا ﴾ [التوبة : ٥٠] الذي نحن متسمون به من الحذ والتيقط والعمل بالحزم ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ [يوسف : ٦] من قبل ما وقع ﴿ وَيَتَوَلَّوا ﴾ عن مقام التحدث بذلك إلى أهاليهم ﴿ وَّهُمْ فَرِحُونَ ﴾ [التوبة : ٥٠] مسرورون ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ [التوبة : ٥١] أي قضي من خير أو شر ﴿ هُوَ مَوْلَـانَا ﴾ [التوبة : ٥١] أي الذي يتولانا ونتولاه ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران : ١٢٢] وحق المؤمنين أن لا يتوكلوا على غير الله ﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ ﴾ [التوبة : ٥٢] تنتظرون بنا ﴿ إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ﴾ [التوبة : ٥٢] وهما النصرة والشهادة ﴿ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ ﴾ [التوبة : ٥٢] إحدى السوءيين إما ﴿ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ ﴾ [التوبة : ٥٢] وهو قارعة من السماء كما نزلت على عاد وثمود ﴿ أَوْ ﴾ بعذاب ﴿ بِأَيْدِينَا ﴾ وهو القتل على الكفر ﴿ فَتَرَبَّصُوا ﴾ بنا ما ذكرنا ﴿ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ﴾ [التوبة : ٥٢] ما هو عاقبتكم
١٨٧
﴿ قُلْ أَنفِقُوا ﴾ [التوبة : ٥٣] في وجوه البر ﴿ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ﴾ [فصلت : ١١] طائعين أو مكرهين نصب على الحال.
﴿ كَرْهًا ﴾ حمزة وعلي وهو أمر في معنى الخبر ومعناه ﴿ لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ﴾ [التوبة : ٥٣] أنفقتم طوعاً أو كرهاً ونحوه ﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ [التوبة : ٨٠] (التوبة : ٠٨) وقوله :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٧
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة
لدينا ولا مقلية إن تقلت
أي لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، ولا نلومك أسأت إلينا أو أحسنت، وقد جاز عكسه في قولك " رحم الله زيداً "، ومعنى عدم القبول أنه عليه السلام يردها عليهم ولا يقبلها أو لا يثيبها الله.
وقوله ﴿ طَوْعًا ﴾ أي من غير إلزام من الله ورسوله و ﴿ كَرْهًا ﴾ أي ملزمين، وسمي الإلزام إكراهاً لأنهم منافقون فكان إلزامهم الإنفاق شاقاً عليهم كالإكراه ﴿ إِنَّكُمْ ﴾ تعليل لرد إنفاقهم ﴿ كُنتُمْ قَوْمًا فَـاسِقِينَ ﴾ [التوبة : ٥٣] متمردين عاتين.
﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـاتُهُمْ ﴾ [التوبة : ٥٤] وبالياء : حمزة وعلي ﴿ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا ﴾ [التوبة : ٥٤] أنهم فاعل " منع " وهم و ﴿ أَن تُقْبَلَ ﴾ [التوبة : ٥٤] مفعولاه أي وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم ﴿ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلَواةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى ﴾ [التوبة : ٥٤] جمع كسلان ﴿ وَلا يُنفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَـارِهُونَ ﴾ [التوبة : ٥٤] لأنهم لا يريدون بها وجه الله تعالى، وصفهم بالطوع في قوله ﴿ طَوْعًا ﴾ وسلبه عنهم ههنا لأن المراد بطوعهم أنهم يبذلونه من غير إلزام من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أو من رؤسائهم، وما طوعهم ذلك إلا عن كراهة واضطرار لا عن رغبة واختبار.
﴿ فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا ﴾ الإعجاب بالشيء أن تسر به سرور راضٍ به متعجب من حسنه، والمعنى فلا تستحسن ما أوتوا من زينة الدنيا فإن الله إنما أعطاهم ما أعطاهم ليعذبهم بالمصائب فيها، أو بالإنفاق منه في أبواب الخير وهم كارهون له، أو بنهب أموالهم وسبي
١٨٨


الصفحة التالية
Icon