أولادهم، أو بجمعها وحفظها وحبها والبخل بها والخوف عليها وكل هذا عذاب ﴿ وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـافِرُونَ ﴾ [التوبة : ٥٥] وتخرج أرواحهم، وأصل الزهوق الخروج بصعوبة، ودلت الآية على بطلان القول بالأصلح لأنه أخبر أن إعطاء الأموال والأولاد لهم للتعذيب والإماتة على الكفر وعلى إرادة الله تعالى المعاصي، لأن إرادة العذاب بإرادة ما يعذب عليه، وكذا إرادة الإماتة على الكفر
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٧
﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ ﴾ [التوبة : ٥٦] لمن جملة المسلمين ﴿ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـاكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ﴾ [التوبة : ٥٦] يخافون القتل وما يفعل بالمشركين فيتظاهرون بالإسلام تقية ﴿ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَـاًا ﴾ [التوبة : ٥٧] مكاناً يلجئون إليه متحصنين من رأس جبل أو قلعة أو جزيرة ﴿ أَوْ مَغَـارَاتٍ ﴾ [التوبة : ٥٧] أو غيراناً ﴿ أَوْ مُدَّخَلا ﴾ [التوبة : ٥٧] أو نفقاً يندسون فيه وهو مفتعل من الدخول ﴿ ءَاوَى إِلَيْهِ ﴾ لأقبلوا نحوه ﴿ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ﴾ [التوبة : ٥٧] يسرعون إسراعاً لا يردهم شيء من الفرس الجموح ﴿ وَمِنْهُمُ ﴾ ومن المنافقين ﴿ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَـاتِ ﴾ [التوبة : ٥٨] يعيبك في قسمة الصدقات ويطعن عليك ﴿ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَآ إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾ [التوبة : ٥٨] " إذا " للمفاجأة أي وإن لم يعطوا منها فاجئوا السخط، وصفهم بأن رضاهم وسخطهم لأنفسهم لا للدين وما فيه صلاح أهله، لأنه عليه السلام استعطف قلوب أهل مكة يومئذ بتوفير الغنائم عليهم فضجر المنافقون منه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٧
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْا مَآ ءَاتَـاـاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُا إِنَّآ إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ﴾ [التوبة : ٥٩] جواب " لو " محذوف تقديره : ولو أنهم رضوا لكان خيراً لهم، والمعنى ولو أنهم رضوا ما أصابهم به الرسول من الغنيمة وطابت به نفوسهم وإن قل نصيبهم وقالوا : كفانا فضل الله وصنعه، وحسبنا ما قسم لنا سيرزقنا غنيمة أخرى فيؤتينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أكثر مما آتانا اليوم إنا إلى الله في أن يغنمنا ويخولنا فضله لراغبون ثم بين مواضعها التي توضع فيها فقال :
١٨٩
﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَـاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَـاكِينِ ﴾ [التوبة : ٦٠] قصر جنس الصدقات على الأصناف المعدودة أي هي مختصة بهم لا تتجاوز إلى غيرهم كأنه قيل : إنما هي لهم لا لغيرهم كقولك " إنما الخلافة لقريش " تريد لا تتعداهم ولا تكون لغيرهم، فيحتمل أن تصرف إلى الأصناف كلها، وأن تصرف إلى بعضها كما هو مذهبنا، وعن حذيفة وابن عباس وغيرهما من الصحابة والتابعين أنهم قالوا : في أي صنف منها وضعتها أجزأك.
وعند الشافعي رحمه الله : لا بد من صرفها إلى الأصناف وهو المروي عن عكرمة.
ثم الفقير الذي لا يسأل لأن عنده ما يكفيه للحال والمسكين الذي يسأل لأنه لا يجد شيئاً فهو أضعف حالاً منه، وعند الشافعي رحمه الله على العكس ﴿ وَالْعَـامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾ [التوبة : ٦٠] هم السعادة الذين يقبضونها ﴿ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ﴾ [التوبة : ٦٠] على الإسلام أشراف من العرب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتألفهم على أن يسلموا وقوم منهم أسلموا فيعطيهم تقريراً لهم على الإسلام ﴿ وَفِى الرِّقَابِ ﴾ [البقرة : ١٧٧] هم المكاتبون يعانون منها ﴿ وَالْغَـارِمِينَ ﴾ الذين ركبتهم الديون ﴿ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة : ٦٠] فقراء الغزاة أو الحجيج المنقطع بهم ﴿ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [الانفال : ٤١] المسافر المنقطع عن ماله، وعدل عن اللام إلى " في " في الأربعة الأخيرة للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره، لأن " في " للوعاء، فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها.
وتكرير " في " في قوله
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٨٧