وقسوتهم وبعدهم عن العلم والعلماء ﴿ وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا ﴾ [التوبة : ٩٧] وأحق بأن لا يعلموا ﴿ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﴾ [التوبة : ٩٧] يعني حدود الدين وما أنزل الله من الشرائع والأحكام ومنه قوله عليه السلام :" إن الجفاء والقسوة في الفدادين " يعني الأكرة لأنهم يفدون أي يصيحون في حروثهم والفديد الصياح ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمُ ﴾ [البقرة : ٩٥] بأحوالهم ﴿ حَكِيمٌ ﴾ في إمهالهم ﴿ وَمِنَ الاعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ ﴾ [التوبة : ٩٨] أي يتصدق ﴿ مَغْرَمًا ﴾ غرامة وخسراناً لأنه لا ينفق إلا تقيّة من المسلمين ورياء لا لوجه الله وابتاء المثوبة عنده ﴿ وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَآ ـاِرَ ﴾ [التوبة : ٩٨] أي دوائر الزمان وتبدل الأحوال بدور الأيام لتذهب غلبتكم عليه فيتخلص من إعطاء الصدقة ﴿ عَلَيْهِمْ دَآ ـاِرَةُ السَّوْءِ ﴾ [التوبة : ٩٨] أي عليهم تدور المصائب والحروب التي يتوقعون وقوعها في المسلمين.
﴿ السَّوْءِ ﴾ مكي وأبو عمرو وهو العذاب، و ﴿ السَّوْءِ ﴾ بالفتح ذم للدائرة كقولك " رجل سوء " في مقابلة قولك " رجل صدق " ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ ﴾ [البقرة : ٢٢٤] لما يقولون إذا توجهت عليهم الصدقة ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بما يضمرون.
﴿ وَمِنَ الاعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ ﴾ [التوبة : ٩٩] في الجهاد والصدقات ﴿ قُرُبَـاتٍ ﴾ أسباباً للقبة ﴿ عِندَ اللَّهِ ﴾ [الحجرات : ١٣] وهو مفعول ثان لـ ﴿ يَتَّخِذُ ﴾ ﴿ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ﴾ [التوبة : ٩٩] أي دعاءه لأنه عليه السلام كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم كقوله " اللهم صل على آل أبي أوفى " ﴿ أَلا إِنَّهَا ﴾ [التوبة : ٩٩] أي النفقة أو صلوات الرسول
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٢
﴿ قُرْبَةٌ لَّهُمْ ﴾ [التوبة : ٩٩] ﴿ قُرْبَةٌ ﴾ نافع.
وهذا شهادة من الله للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات، وتصديق لرجائه على طريق الاستئناف مع حرفي التنبيه، والتحقيق المؤذنين بثبات الأمر وتمكنه، وكذلك ﴿ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِى رَحْمَتِهِ ﴾ [التوبة : ٩٩] أي جنته وما في السين من تحقيق الوعد، وما أدل هذا الكلام على رضا الله من المتصدقين، وأن الصدقة منه بمكان إذا خلصت النية من صاحبها
٢٠٤
﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ﴾ [البقرة : ٢٣٥] يستر عيب المخل ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ يقبل جهد المقل ﴿ وَالسَّـابِقُونَ ﴾ مبتدأ ﴿ الاوَّلُونَ ﴾ صفة لهم ﴿ مِنَ الْمُهَـاجِرِينَ ﴾ [التوبة : ١٠٠] تبيين لهم وهم الذين صلوا إلى القبلتين، أو الذين شهدوا بدراً أو بيعة الرضوان ﴿ وَالانصَارِ ﴾ عطف على ﴿ الْمُهَـاجِرِينَ ﴾ أي ومن الأنصار وهم أهل بيعة العقبة الأولى وكانوا سبعة نفر، وأهل العقبة الثانية وكانوا سبعين ﴿ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَـانٍ ﴾ [التوبة : ١٠٠] من المهاجرين والأنصار فكانوا سائر الصحابة.
وقيل : هم الذين اتبعوهم بالإيمان والطاعة إلى يوم القيامة والخبر ﴿ رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ ﴾ [المائدة : ١١٩] بأعمالهم الحسنة ﴿ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [المجادلة : ٢٢] بما أفاض عليهم من نعمته الدينية والدنيوية ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ ﴾ [الأحزاب : ٤٤] عطف على ﴿ رَّضِىَ ﴾ ﴿ جَنَّـاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الانْهَـارُ ﴾ [التوبة : ١٠٠] ﴿ مِن تَحْتِهَا ﴾ [مريم : ٢٤] : مكي ﴿ خَـالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ذَالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٢
﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم ﴾ [التوبة : ١٠١] يعني حول بلدتكم وهي المدينة ﴿ مِّنَ الاعْرَابِ مُنَـافِقُونَ ﴾ [التوبة : ١٠١] وهم جهينة وأسلم وأشجع وغفار وكانوا نازلين حولها ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ﴾ [التوبة : ١٠١] عطف على خبر المبتدأ الذي هو ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم ﴾ والمبتدأ ﴿ مُنَـافِقُونَ ﴾ ويجوز أن يكون جملة معطوفة على المبتدأ والخبر إذا قدرت " ومن أهل المدينة قوم " ﴿ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ ﴾ [التوبة : ١٠١] أي تمهروا فيه على أن مردوا صفة موصوف محذوف، وعلى الوجه الأول لا يخلو من أن يكون كلاماً مبتدأ، أو صفة لـ
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٥