جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٢١
﴿ إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ﴾ [يونس : ٧] لا يتوقعونه أصلاً ولا يخطرونه ببالهم لغفلهم عن التفطن للحقائق أو لا يأملون حسن لقائنا كما يأمله السعداء أو لا يخافون سوء لقائنا الذي يجب أن يخاف ﴿ وَرَضُوا بِالْحَيَواةِ الدُّنْيَا ﴾ [يونس : ٧] من الآخرة وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي ﴿ وَاطْمَأَنُّوا بِهَا ﴾ [يونس : ٧] وسكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها فبنوا شديداً وأملوا بعيداً ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ ءَايَـاتِنَا غَـافِلُونَ ﴾ [يونس : ٧] لا يتفكرون فيها ولا وقف عليه لأن خبر إن ﴿ أؤلئك مَأْوَاـاهُمُ النَّارُ ﴾ [يونس : ٨] فأولئك مبتدأ ومأواهم مبتدأ ثان والنار خبره والجملة خبر أولئك والباء في ﴿ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام : ١٢٩] يتعلق بمحذوف دل عليه الكلام وهو جوزوا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَـانِهِمْ ﴾ [يونس : ٩] يسددهم بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك الطريق السديد المؤدي إلى الثواب ولذا جعل ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الانْهَـارُ ﴾ [يونس : ٩] بياناً له وتفسيراً إذ التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها أو يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة ومنه الحديث " إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة فيقول له : أنا عملك فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة والكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة فيقول له : أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار " وهذا دليل على أن الإيمان المجرد منج حيث قال : بإيمانهم ولم يضم إليه العمل الصالح ﴿ فِي جَنَّـاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس : ٩] متعلق بتجري أو حال من الأنهار ﴿ دَعْوَاـاهُمْ فِيهَا سُبْحَـاـنَكَ اللَّهُمَّ ﴾ [يونس : ١٠] أي دعاؤهم لأن اللهم نداء لله ومعناه : اللهم إنا نسبحك أي يدعون الله بقولهم سبحانك اللهم تلذذا بذكره لا عبادة ﴿ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـامٌ ﴾ [يونس : ١٠] أي يحيي بعضهم بعضاً بالسلام أو هي تحية الملائكة إياهم وأضيف
٢٢٢
المصدر إلى المفعول أو تحية الله لهم ﴿ وَءَاخِرُ دَعْوَاـاهُمْ ﴾ [يونس : ١٠] وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح ﴿ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ ﴾ [يونس : ١٠] أن يقولوا الحمد الله رب العالمين أن مخففة من الثقيلة وأصله أنه الحمد لله رب العالمين والضمير للشأن قيل أو كلامهم التسبيح وآخره التحميد فيبتدئون بتنظيم الله وتنزيهه ويختمون بالشكر والثناء عليه ويتكلمون بينهما بما أرادوا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٢٢


الصفحة التالية
Icon