قدرة الإنسان وهو أن يضع مكان آية عذاب آية رحمة وأن يسقط ذكر الآلهة بقوله :﴿ قُلْ مَا يَكُونُ لِى ﴾ [يونس : ١٥] ما يحل لي ﴿ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآى ِ نَفْسِى ﴾ [يونس : ١٥] من قبل نفسي ﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَىَّ ﴾ [الأنعام : ٥٠] لا أتبع إلا وحي الله من غير زيادة ولا نقصان ولا تبديل لأن الذي أتيت به من عند الله لا من عندي فأبدله ﴿ إِنِّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى ﴾ [الأنعام : ١٥] بالتبديل من عند نفسي ﴿ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأنعام : ١٥] أي يوم القيامة وأما الإتيان بقرآن آخر فلا يقدر عليه الإنسان وقد ظهر لهم العجز عنه إلا أنهم كانو لا يعترفون بالعجز ويقولون ﴿ لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـاذَآ ﴾ [الانفال : ٣١] ولا يحتمل أن يريدوا بقوله أئت بقرآن غير هذا أو بدله من جهة الوحي لقوله : إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم وغرضهم في هذا الاقتراح الكيد أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن ففيه أنه من عندك وأنك قادر على مثله فأبدل مكانه آخر وأما اقتراح التبديل فلاختبار الحال وأنه إن وجد منه تبديل فإما أن يهلكه الله فينجوا منه أولا يهلكه فيسخروا منه فيجعلوا التبديل حجة عليه وتصحيحاً لإفترائه على الله
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٢٤
﴿ قُل لَّوْ شَآءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [يونس : ١٦] يعني أن تلاوته ليست إلا بمشيئة الله وإظهاره أمراً عجيباً خارجاً عن العادات وهو أن يخرج رجل أمي لم يتعلم ولم يشاهد العلماء فيقرأ عليكم كتاباً فصيحاً يغلب كل كلام فصيح ويعلو على كل منثور ومنظوم مشحوناً بعلوم الأصول والفروع والإخبار عن الغيوب التي لا يعلمها إلا الله ﴿ وَلا أَدْرَاـاكُم بِهِ ﴾ [يونس : ١٦] ولا أعلمكم الله بالقرآن على لساني ﴿ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ﴾ [يونس : ١٦] من قبل نزول القرآن أي فقد أقمت فيما بينكم أربعين سنة ولم تعرفوني متعاطياً شيئاً من نحوه ولا قدرت عليه ولا كنت موصوفاً بعلم وبيان فتتهموني بإختراعه ﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة : ٤٤] فتعلموا أنه ليس إلا من عند الله لا من مثلي وهذا جواب عما دسوه تحت قولهم أئت بقرآن غير هذا من إضافة الافتراء إليه ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الأنعام : ١٤٤] يحتمل أن يريد افتراء المشركين على الله في أنه ذو شريك وذو ولد وأن يكون تفادياً مما أضافوه إليه من الافتراء
٢٢٥
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ﴾ [الأنعام : ٢١] بالقرآن فيه بيان أن الكاذب على الله والمكذب بآياته في الكفر سواء ﴿ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٢٥


الصفحة التالية
Icon