﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ ﴾ إن تركوا عبادتها ﴿ وَلا يَنفَعُهُمْ ﴾ [البقرة : ١٠٢] إن عبدوها ﴿ وَيَقُولُونَ هؤلاء ﴾ [يونس : ١٨] أي الأصنام ﴿ شُفَعَـاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ﴾ [يونس : ١٨] أي في أمر الدنيا ومعيشتها لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت أو يوم القيامة أن يكن بعث ونشور ﴿ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ ﴾ [يونس : ١٨] أتخبرونه بكونهم شفعاء عنده وهو أنباء بما ليس بمعلوم لله وإذا لم يكن معلوماً له وهو عالم بجميع المعلومات لم يكن شيئاً وقوله ﴿ فِى السَّمَـاوَاتِ وَلا فِى الارْضِ ﴾ [يونس : ١٨] تأكيد لنفيه لأن ما لم يوجد فيها فهو معدوم ﴿ سُبْحَـانَهُ وَتَعَـالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس : ١٨] نزَّه ذاته عن أن يكون له شريك وبالتاء حمزة وعلي ما موصولة أو مصدرية، أي عن الشركاء الذي يشركونهم به أو عن إشراكهم ﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [يونس : ١٩] حنفاء متفقين على ملة واحدة من غير أن يختلفوا بينهم وذلك في عهد آدم عليه السلام إلى أن قتل قابيل هابيل أو بعد الطوفان حين لم يذر الله من الكافرين دياراً ﴿ فَاخْتَلَفُوا ﴾ فصاروا مللاً ﴿ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ ﴾ [يونس : ١٩] وهو تأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة ﴿ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾ [يونس : ١٩]عاجلاً ﴿ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [يونس : ١٩] فيما اختلفوا فيه وليميز المحق من المبطل وسبق كلمته لحكمة وهي أن هذه الدار دار تكليف وتلك الدار دار ثواب وعقاب ﴿ وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾ [يونس : ٢٠] أي آية من الآيات التي اقترحوها ﴿ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ ﴾ [يونس : ٢٠] أي هو المختص بعلم الغيب فهو العالم بالمصارف عن إنزال الآيات المقترحة لا غير ﴿ فَانتَظِرُوا ﴾ نزول ما اقترحتموه ﴿ إِنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ﴾ لما يفعل الله بكم لعنادكم وجحودكم الآيات
٢٢٦
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٢٦
﴿ وَإِذَآ أَذَقْنَا النَّاسَ ﴾ [الروم : ٣٦] أهل مكة ﴿ رَحْمَةً ﴾ خصباً وسعة ﴿ مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ ﴾ [يونس : ٢١] يعني القحط والجوع ﴿ وَإِذَآ أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن ﴾ [يونس : ٢١] أي مكروا بآياتنا بدفعها وإنكارها.
روى أنه تعالى سلط القحط سبع سنين على أهل مكة حتى كادوا يهلكون ثم رحمهم بالحياة فلما رحمهم طفقوا يطعنون في آيات الله ويعادون رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويكيدونه فإذا الأولى للشرط والثانية جوابها وهي للمفاجأة وهو كقوله ﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةُ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴾ [الروم : ٣٦] أي وإن تصبهم سيئة قنطوا وإذا أذقنا الناس رحمة مكروا والمكر إخفاء الكيد وطيه من الجارية الممكورة المطوية الخلق ومعنى مستهم خالطتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم وإنما قال :﴿ قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا ﴾ [يونس : ٢١] ولم يصفهم بسرعة المكر لأن كلمة المفاجأة دلت على ذلك كأنه قال : وإذا رحمناهم من بعد ضراء فاجأوا وقوع المكر منهم وسارعوا إليه قبل أن يغسلوا رؤوسهم من مس الضراء ﴿ إِنَّ رُسُلَنَا ﴾ [يونس : ٢١] يعني الحفظة ﴿ يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ﴾ [يونس : ٢١] إعلام بأن ما تظنونه خافياً لا يخفى على الله وهو منتقم منكم وبالياء سهل ﴿ هُوَ الَّذِى يُسَيِّرُكُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾ [يونس : ٢٢] يجعلكم قادرين على قطع المسافات بالأرجل والدواب والفلك الجارية في البحار أو يخلق فيكم السير ينشرُكم شامي
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٢٧
﴿ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِى الْفُلْكِ ﴾ [يونس : ٢٢] أي السفن ﴿ وَجَرَيْنَ ﴾ أي السفن ﴿ بِهِم ﴾ بمن فيها رجوع من الخطاب إلى الغيبة للمبالغة ﴿ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ﴾ [يونس : ٢٢] لينة الهبوب لا عاصفة ولا ضعيفة ﴿ وَفَرِحُوا بِهَا ﴾ [يونس : ٢٢] بتلك الريح للينها واستقامتها ﴿ جَآءَتْهَا ﴾ أي الفلك أو الريح الطيبة أي تلقتها ﴿ رِيحٌ عَاصِفٌ ﴾ [يونس : ٢٢] ذات عصف أي شديدة الهبوب ﴿ وَجَآءَهُمُ الْمَوْجُ ﴾ [يونس : ٢٢] هو ماعلى على الماء ﴿ مِن كُلِّ مَكَانٍ ﴾ [النحل : ١١٢] من البحر أو من جميع أمكنة الموج
٢٢٧