السجدة : ٣] بل أيقولون اختلقه ﴿ قُلْ ﴾ إن كان الأمر كما تزعمون ﴿ فَأْتُوا ﴾ أنتم على وجه الافتراء ﴿ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ ﴾ [يونس : ٣٨] أي شبيهة به في البلاغة وحسن النظم فأنتم مثلى في العربية ﴿ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ﴾ [يونس : ٣٨] أي وادعوا من دون الله من استطعتم من خلقه للاستعانة به على الإتيان بمثله ﴿ إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ ﴾ [البقرة : ٢٣] أنه افتراء ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾ [يونس : ٣٩] بل سارعوا إلى التكذيب بالقرآن في بديهة السماع قبل أن يفقهوه ويعلموا كنه أمره وقبل أن يتدبروه ويقفوا على تأويله ومعانيه وذلك لفرط نفورهم عما يخالف دينهم وشرادهم عن مفارقة دين
٢٣٥
آبائهم ومعنى التوقع في ولما يأتهم تأويله أنهم كذبوا به على البديهة قبل التدبر ومعرفة التأويل تقليداً للآباء وكذبوه بعد التدبر تمرداً وعناداً فذمهم بالتسرع إلى التكذيب قبل العلم به وجاء بكلمة التوقع (ليؤذن أنهم علموا بعد علو شأنه وإعجازه لما كرر عليهم التحدي وجربوا قواهم في المعارضة وعرفوا عجزهم عن مثله فكذبوا به بغياً وحسداً ﴿ كَذَالِكَ ﴾ مثل ذلك التكذيب ﴿ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ [فاطر : ٢٥] بعني الكفار الأمم الماضية كذبوا رسلهم قبل النظر في معجزاتهم وقبل تدبرها عناداً وتقليداً للآباء ويجوز أن يكون معنى ولما يأتهم تأويله ولم يأتهم بعد تأويل ما فيه من الإخبار بالغيوب أي عاقبته حتى يتبين لهم أهو كذب أم صدق يعني أنه كتاب معجز من جهتين من جهة إعجاز نظمه ومن جهة ما فيه من الإخبار بالغيوب فتسرعوا إلى التكذيب به قبل أن ينظروا في نظمه وبلوغه حد الإعجاز وقبل أن يجربوا إخباره بالمغيبات وصدقه وكذبه ﴿ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الظَّـالِمِينَ ﴾ [يونس : ٣٩]
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٥
وَمِنْهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ } بالنبي أو بالقرآن أي يصدق به فيه نفسه ويعلم أنه حق ولكن يعاند بالتكذيب ﴿ وَمِنْهُم مَّن لا يُؤْمِنُ بِهِ ﴾ [يونس : ٤٠] لا يصدق به ويشك فيه أو يكون للاستقبال أي ومنهم من سيؤمن به منهم من سيصر ﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس : ٤٠] بالمعاندين أو المصرين ﴿ وَإِن كَذَّبُوكَ ﴾ [يونس : ٤١] وإن تمّوا على تكذيبك ويئست من إجابتهم ﴿ فَقُل لِّى عَمَلِى ﴾ [يونس : ٤١] جزاء عملي ﴿ وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ﴾ [يونس : ٤١] جزاء أعمالكم ﴿ أَنتُم بَرِياـاُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِى ءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ فكل مؤاخد بعمله ﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ [يونس : ٤٢] ومنهم ناس يستمعون إليك إذا قرأت القرآن وعملت الشرائع ولكنهم لا يعون ولا يقبلون فهم كالصم ﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ ﴾ [يونس : ٤٢] أتطمع أنك تقدر على إسماع الصم ولو انضم إلى صممهم عدم عقولهم لأن الأصم العاقل ربما تفرس واستدال إذا وقع في صماخه دوي الصوت فإذا اجتمع
٢٣٦
سلب العقل والسمع فقد تم الأمر
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٦