وعنه عليه السلام :" ذهبت النبوة وبقيت المبشرات والرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة " وهذا لأن مدة الوحي ثلاث وعشرون سنة وكان في ستة أشهر منها يؤمر في النوم بالإنذار وستة أشهر من ثلاث وعشرين سنة جزء من ستة وأربعين جزءاً أو هي محبة الناس له والذكر الحسن أولهم البشرى عند النزع بأن يرى مكانه في الجنة ﴿ وَفِى الاخِرَةِ ﴾ [الأعراف : ١٥٦] هي الجنة ﴿ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَـاتِ اللَّهِ ﴾ [يونس : ٦٤] تغيير لأقواله ولا إخلاف لمواعيده ﴿ ذَالِكَ ﴾ إشارة إلى كونهم مبشرين في الدارين ﴿ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة : ٧٢] وكلتا الجملتين اعتراض ولا يجب أن يقع بعد الاعتراض كلام كما تقول فلان ينطق بالحق والحق أبلج وتسكت
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٢
﴿ وَلا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ﴾ [يونس : ٦٥] تكذيبهم وتهديدهم وتشاورهم في تدبير هلاكك وإبطال أمرك ﴿ إِنَّ الْعِزَّةَ ﴾ [يونس : ٦٥] استئناف بمعنى التعليل كأنه قيل مالي لا أحزن فقيل إن العزة ﴿ لِلَّهِ ﴾ إن الغلبة والقهر في ملكة الله جميعاً لا يملك أحد شيئاً منهما لا هم ولا غيرهم فهو يغلبهم وينصرك عليهم ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لاغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِى ﴾ [المجادلة : ٢١] ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا ﴾ [غافر : ٥١] أو به يتعزز كل عزيز فهو يعزك ودينك وأهلك والوقف لازم على قولهم لئلا يصير إن العزة مقول الكفار ﴿ جَمِيعًا ﴾ حال ﴿ هُوَ السَّمِيعُ ﴾ [الإسراء : ١] لما يقولون ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بما يدبرون ويعزمون عليه وهو مكافئهم بذلك ﴿ أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَن فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَن فِى الارْضِ ﴾ [يونس : ٦٦] يعني العقلاء وهم الملائكة والثقلان وخصهم ليؤذن أن هؤلاء إذا كانوا له وفي مَلكَته ولا يصلح أحد منهم للربوبية ولا أن يكون شريكاً له فيها فما وراءهم مما لا يعقل أحق أن لا يكون له نداً وشريكاً ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَآءَ ﴾ [يونس : ٦٦] ما نافية أي وما يتبعون حقيقة الشركاء وإن كانوا يسمونها شركاء لأن شركة الله في الربوبية محال
٢٤٣
﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ ﴾ [الأنعام : ١١٦] إلا ظنهم أنهم شركاء الله ﴿ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام : ١١٦] يحزرون ويقدّرون أن تكون شركاء تقديراً باطلاً أو استفهامية أي وأي شيء يتبعون وشركاء على هذا نصب بيدعون وعلى الأول بيتبع وكان حقه وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء فاقتصر على أحدهما للدلالة والمحذوف مفعول يدعون أو موصولة معطوفة على من كأنه قيل ولله ما يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاء أي وله شركاؤهم ثم نبه على عظيم قدرته وشمول نعمته على عباده بقوله
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٣
﴿ هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ﴾ [يونس : ٦٧] أي جعل لكم الليل مظلماً لتستريحوا فيه من تعب التردد في النهار ﴿ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ﴾ [غافر : ٦١] مضيئاً لتبصروا فيه مطالب أرزاقكم ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَـاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [يونس : ٦٧] سماع مذكر معتبر ﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَـانَهُ ﴾ [يونس : ٦٨] تنزيه له عن اتخاذ الولد وتعجب من كلمتهم الحمقاء ﴿ هُوَ الْغَنِىُّ ﴾ [لقمان : ٢٦] علة لنفي الولد لأنه إنما يطلب الولد ضعيف ليتقوى به أو فقير ليستعين به أو ذليل ليتشرف به والكل أمارة الحاجة فمن كان غنياً غير محتاج كان الولد عنه منفياً ولأن الولد بعض الوالد فيستدعي أن يكون مركباً وكل مركب ممكن وكل ممكن يحتاج إلى الغير فكان حادثاً فاستحال القديم أن يكون له ولد ﴿ لَّهُ مَا فِي السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِي الارْضِ ﴾ [البقرة : ٢٥٥] ملكاً ولا تجتمع النبوة معه ﴿ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَـان بِهَـاذَآ ﴾ [يونس : ٦٨] ما عندكم من حجة بهذا القول ولما نفى عنهم البرهان جعلهم غير عالمين فقال :﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف : ٢٨] ﴿ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ﴾ [يونس : ٦٩] بإضافة الولد إليه
٢٤٤
﴿ لا يُفْلِحُونَ ﴾ [يونس : ٦٩] لا ينجون من النار ولا يفوزون بالجنة
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٤