﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ فداموا على تكذيبه ﴿ فَنَجِّيْنَـاهُ ﴾ من الغرق ﴿ وَمَن مَّعَهُ فِى الْفُلْكِ ﴾ [الشعراء : ١١٩] في السفينة ﴿ وَجَعَلْنَـاهُمْ خَلـائفَ ﴾ [يونس : ٧٣] يخلفون الهالكين بالغرق ﴿ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ ﴾ [يونس : ٧٣] هو تعظيم لما جرى عليهم وتحذير لمن أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن مثلة وتسلية له ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ ﴾ [يونس : ٧٤] من بعد نوح عليه السلام ﴿ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ ﴾ [يونس : ٧٤] أي هوداً وصالحاً وإبراهيم ولوطاً وشعباً ﴿ مُّوسَى بِالْبَيِّنَـاتِ ﴾ بالحجج الواضحة المثبتة لدعواهم ﴿ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ﴾ [الأعراف : ١٠١] فأصروا على الكفر بعد المجيء ﴿ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ﴾ [يونس : ٧٤] من قبل مجيئهم يريد أنهم كانوا قبل بعثة الرسل أهل جاهلية مكذبين بالحق فما وقع فصل بين حالتيهم بعد بعثة الرسل وقبلها كأن لم يبعث إليهم أحد ﴿ كَذَالِكَ نَطْبَعُ ﴾ [يونس : ٧٤] من ذلك الطبع نختم ﴿ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [يونس : ٧٤] المجاوزين الحد في التكذيب ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم ﴾ [الأعراف : ١٠٣] من بعد الرسل ﴿ مُّوسَى وَهَـارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلايْهِ بِـاَايَـاتِنَا ﴾ بالآيات التسع ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا ﴾ عن قبولها وأعظم الكبر أن يتهاون العبيد برسالة ريهم بعد تبينها ويتعظمون عن قبولها ﴿ وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف : ١٣٣] كفاراً ذوي آثام عظام فلذلك استكبروا عنها واجترؤوا على ردها ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا ﴾ [يونس : ٧٦] فلما عرفوا أنه هو الحق وأنه من عند الله
٢٤٦
﴿ قَالُوا ﴾ لحبهم الشهوات ﴿ إِنَّ هَـاذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ [يونس : ٧٦] وهم يعلمون أن الحق أبعد شيء من السحر
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٦
﴿ قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ ﴾ [يونس : ٧٧] هو إنكار ومقولهم محذوف أي هذا سحر ثم استأنف إنكاراً آخر فقال :﴿ أَسِحْرٌ هَـاذَا ﴾ [يونس : ٧٧] خبر ومبتدأ ﴿ وَلا يُفْلِحُ السَّـاحِرُونَ ﴾ [يونس : ٧٧] أي لا يظفر ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا ﴾ [يونس : ٧٨] لتصرفنا ﴿ عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَا ﴾ [يونس : ٧٨] من عبادة الأصنام أو عبادة فرعون ﴿ وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَآءُ ﴾ [يونس : ٧٨] أي الملك لأن الملوك موصوفون بالكبرياء والعظمة والعلو ﴿ فِى الارْضِ ﴾ [السجدة : ١٠] أرض مصر ﴿ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس : ٧٨] بمصدقين فيما جئتما به ويكن حماد ويحيى ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِى بِكُلِّ سَـاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾ [يونس : ٧٩] سحار حمزة وعلى ﴿ السِّحْرُ ﴾ ما موصولة واقعة مبتدأ أو جئتم به صلتها والسحر خبر أي الذي جئتم به هو السحر لا الذي سماه فرعون وقومه سحراً من آيات الله.
آلسحر بعد وقف أبو عمرو على الاستفهام فعلى هذه القراءة ما استفهامية أيْ أيّ شيء جئتم به أهو السحر ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُا ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٧
يونس : ٨١] يظهر بطلانه ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس : ٨١] لايثبته بل يدمره ﴿ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ ﴾ [يونس : ٨٢] ويثبّته ﴿ بِكَلِمَـاتِهِ ﴾ بأوامره وقضاياه أو يظهر الإسلام بعداته بالنصرة ﴿ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الانفال : ٨] ذلك ﴿ فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَى ﴾ [يونس : ٨٣] في أولى أوامره
٢٤٧


الصفحة التالية
Icon