﴿ إِلا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ ﴾ [يونس : ٨٣] إلا طائفة من ذراري بني إسرائيل كأنه قيل إلا أولاد من أولاد قومه وذلك قومه وذلك أنه دعا الآباء فلم يجيبوه خوفاً من فرعون وأجابته طائفة من أبنائهم مع الخوف أو الضمير في قومه لفرعون والذرية مؤمن آل فرعون وآسية امرأته وخازنه وامرأة خازنة وما شطته والضمير في يرجع إلى فرعون بمعنى آل فرعون كما يقال ربيعة ومضر أو لأنه ذو أصحاب يأتمرون له أو إلى الذرية أي على خوف من فرعون وخوف من أشراف بني إسرائيل لأنهم كانوا يمنعون أعقابهم خوفاً من فرعون عليهم وعلى أنفسهم دليله قوله ؛ ﴿ وَمَلايْهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ﴾ [يونس : ٨٣] يريد أن يعذبهم فرعون ﴿ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الارْضِ ﴾ [يونس : ٨٣] لغالب فيها قاهر ﴿ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [يونس : ٨٣] في الظلم والفساد وفي الكبر والعتو بإدعائه الربوبية
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٧
﴿ وَقَالَ مُوسَى يَـافِرْعَوْنُ إِنِّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَـالَمِينَ ﴾ صدقتم به وبآياته ﴿ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا ﴾ [يونس : ٨٤] فإليه أسندوا أمركم في العصمة من فرعون ﴿ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴾ [يونس : ٨٤] شرط في التوكل الإسلام وهو أن يسلموا نفوسهم صلى الله عليه وسلّم أي يجعلوها له سالمة خالصة لاحظ للشيطان فيها لأنه التوكل لا يكون مع التخليط ﴿ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ [يونس : ٨٥] إنما قالوا ذلك لأن القوم كانوا مخلصين لاجرم أن الله قبل توكلهم وأجاب دعاءهم ونجاهم وأهلك من كانوا يخافونه وجعلهم خلفاء في أرضه فمن أراد أن يصلح للتوكل على ربه فعليه برفض التخليط إلى الإخلاص ﴿ رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّـالِمِينَ ﴾ [يونس : ٨٥] موضع فتنة لهم أي عذاب يعذبوننا أو يفتنوننا عن ديننا أي يضلوننا والفاتن المضل عن الحق ﴿ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَـافِرِينَ ﴾ [يونس : ٨٦] أي من تعذيبهم وتسخيرهم ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا ﴾ [يونس : ٨٧] تبوأ المكان اتخذه مباءة كقوله توطنه إذا اتخذه وطناً والمعنى اجعلا بمصر بيوتاً من بيوته مباءة لقومكما ومرجعاً يرجعون إليه للعبادة والصلاة فيه ﴿ وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ﴾ [يونس : ٨٧] أي مساجد متوجهة نحو القبلة وهي الكعبة وكان موسى ومن معه يصلون إلى الكعبة
٢٤٨
وكانوا في أول الأمر مأمورين بأن يصلوا في بيوتهم في خفية من الكفرة لئلا يظهروا عليهم فيؤذوهم ويفتنوهم عن دينهم كما كان المسلمون على ذلك في أول الإسلام بمكة ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا ﴾ [البقرة : ٨٣] في بيوتكم حتى تأمنوا ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة : ٢٢٣] يا موسى ثنى الخطاب أولاً ثم جمع ثم وحد آخراً لأن اختيار مواضع العبادة مما يفرض إلى الأنبياء ثم جمع لأن اتخاذ المساجد والصلاة فيها واجب على الجمهور وخص موسى عليه السلام بالبشارة تعظيماً لها وللمبشر بها
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٨


الصفحة التالية
Icon