﴿ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ ﴾ [هود : ٦٩] جبريل وميكائيل وإسرافيل أو جبريل مع أحد عشر ملكاً ﴿ إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى ﴾ [العنكبوت : ٣١] هي البشارة بالولد أو بهلاك قوم لوط والأول أظهر ﴿ قَالُوا سَلَـامًا ﴾ [الفرقان : ٦٣] سلمنا عليك سلاماً ﴿ قَالَ سَلَـامٌ ﴾ [مريم : ٤٧] أمركم سلام.
سِلم حمزة وعلي بمعنى السلام ﴿ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ ﴾ [هود : ٦٩] فما لبث في المجيء به بل عجل فيه أو فما لبث مجيئه، والعجل ولد البقرة وكان مال إبراهيم البقر ﴿ حَنِيذٍ ﴾ مشوي بالحجارة المحماة ﴿ فَلَمَّا رَءَآ أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ ﴾ نكر وأنكر بمعنى وكانت عادتهم أنه إذا مس من يطرقهم طعامهم أمنوه وإلا خافوه والظاهرة أنه أحس بأنهم ملائكة ونكرهم لأنه تخوف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله عليه أو لتعذيب قومه دليله قوله ﴿ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ﴾ [هود : ٧٠] أي أضمر منم خوفاً ﴿ قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ﴾ [هود : ٧٠] بالعذاب وإنما يقال هذا لمن عرفهم ولم يعرف فيم أرسلوا وإنما قالوا لا تخف لأنهم رأوا أثر الخوف والتغير في وجهه ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ ﴾ [هود : ٧١] وراء الستر تسمع تحاورهم أو على رؤوسهم تخدمهم ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ سروراً بزوال الخيفة أو بهلاك أهل الخبائث أو من غفلة قوم لوط مع قرب العذاب أو فحاضت ﴿ فَبَشَّرْنَـاهَا بِإِسْحَـاقَ ﴾ [هود : ٧١] وخصت بالبشارة لأن النساء أعظم سروراً بالولد من الرجال ولأنه لم يكن لها ولد وكان لإبراهيم ولد وهو إسماعيل ﴿ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَـاقَ ﴾ [هود : ٧١] ومن بعده ﴿ يَعْقُوبَ ﴾ بالنصب شامي وحمزة وحفص بفعل مضمر دل عليه فبشرناها أي فبشرناها بإسحاق ووهبنا لها يعقوب من وراء إسحاق وبالرفع غيرهم على الابتداء والظرف قبله خبر كما تقول في الدار زيد ﴿ قَالَتْ يَـا أَيُّهَا ﴾ الألف مبدلة من ياء الإضافة وقرأ الحسن يا ويلتي بالياء على الأصل ﴿ ءَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـاذَا ﴾ [هود : ٧٢] ابنة تسعين سنة ﴿ وَهَـاذَا بَعْلِى شَيْخًا ﴾ [هود : ٧٢] ابن مائة وعشرين
٢٨٢
سنة، هذا مبتدأ وبعلي خبره وشيخاً حال والعامل معنى الإشارة التي دلت عليه ذا أو معنى التنبيه الذي دل عليه هذا ﴿ إِنَّ هَـاذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ ﴾ [هود : ٧٢] أن يولد ولد من هرمين وهو استبعاد من حيث العادة
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٨٢
﴿ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [هود : ٧٣] قدرته وحكمته وإنما أنكرت الملائكة تعجبها لأنها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والأمور الخارقة للعادات فكان عليها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيت النبوة وأن تسبح الله وتمجده مكان التعجب وإلى ذلك أشارت الملائكة حيث قالوا ﴿ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ ﴾ [هود : ٧٣] أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ويخصكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوة فليست بمكان عجيب وهو كلام مستأنف علل به إنكار التعجب كأنه قيل إياك والتعجب لأن أمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم.
وقيل الرحمة : النبوة، والبركات الأسباط من بني إسرائيل لأن الأنبياء منهم وكلهم من ولد إبراهيم وأهل البيت نصب على النداء أو على الاختصاص ﴿ إِنَّهُ حَمِيدٌ ﴾ [هود : ٧٣] محمود بتعجيل النعم ﴿ مَّجِيدٌ ﴾ ظاهر الكرم بتأجيل النقم ﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ ﴾ [هود : ٧٤] الفزع وهو ما أوجس من الخيفة حين نكر أضيافه ﴿ وَجَآءَتْهُ الْبُشْرَى ﴾ [هود : ٧٤] بالولد ﴿ يُجَـادِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ ﴾ [هود : ٧٤] أي لما اطمأن قلبه بعد الخوف وملىء سروراً بسبب البشرى فرغ للمجادلة.
وجواب لما محذوف تقديره أقبل يجادلنا أو يجادلنا جواب لما وإنما جيء به مضارعاً لحكاية الحال والمعنى يجادل رسلنا ومجادلته إياهم أنهم قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية فقال أرأيتم لو كان فيها خمسون مؤمناً أتهلكونها قالوا : لا، قال فأربعون قالوا : لا، قال فثلاثون قالوا : لا حتى بلغ العشرة قالوا : لا، قال أرأيتم إن كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها قالوا لا فعند ذلك قال إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ ﴾ [هود : ٧٥] غير عجول على كل من أساء إليه أو كثير الاحتمال
٢٨٣