﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ ﴾ [هود : ١١٢] فاستقم استقامة مثل الاستقامة التي أمرت بها غير عادل عنها ﴿ وَمَن تَابَ مَعَكَ ﴾ [هود : ١١٢] معطوف على المستتر في استقم وجاز للفاصل يعني فاستقم أنت وليستقم من تاب عن الكفر ورجع إلى الله مخلصاً ﴿ وَلا تَطْغَوْا ﴾ [هود : ١١٢] ولا تخرجوا عن حدود الله ﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود : ١١٢] فهو مجازيكم فاتقوه قيل ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم آية كانت أشق عليه من هذه الآية ولهذا قال :" شيبتني هود " ﴿ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ [هود : ١١٣] ولا تميلوا قال الشيخ رحمه الله هذا خطاب لأتباع الكفرة أي لا تركنوا إلى القادة والكبراء في ظلمهم وفيما يدعونكم إليه ﴿ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾ [هود : ١١٣] وقيل الركون إليهم الرضا بكفرهم وقال قتادة ولا تلحقوا بالمشركين وعن الموفق أنه صلى خلف الإمام فلما قرأ هذه الآية غشي عليه فلما أفاق قيل له فقال هذا فيمن ركن إلى من ظلم فكيف بالظالم وعن الحسن جعل الله الدين بين لاءين ولا تطغوا ولا تركنوا وقال سفيان في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزائرون للملوك وعن الأوزاعي ما من شيء أبغض إلى الله من عالم يزور عاملاً وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :" من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله في أرضه " ولقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برّية هل يسقي شربة ماء فقال :
٢٩٧
لا، فقيل له يموت قال دعه يموت ﴿ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ﴾ [هود : ١١٣] حال من قوله فتمسكم النار أي فتمسكم النار وأنتم على هذه الحالة ومعناه وما لكم من دون الله من أولياء يقدرون على منعكم من عذاب ولا يقدر على منعكم منه غيرها ﴿ ثُمَّ ﴾ ثم لا ينصركم هو لأنه حكم بتعذيبكم ومعنى ثم الاستبعاد أي النصرة من الله مستبعدة
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٩٧
﴿ تُنصَرُونَ * وَأَقِمِ الصَّلَواةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ ﴾ [هود : ١١٤] غدوة وعشية ﴿ وَزُلَفًا مِّنَ الَّيْلِ ﴾ [هود : ١١٤] وساعات من الليل جمع زلفة وهي ساعاته القريبة من آخر النهار من أزلفه إذا قربه وصلاة الغدوة الفجر وصلاة العشية الظهر والعصر لأن ما بعد الزوال عشي وصلاة الزلف المغرب والعشاء وانتصاب طرفي النهار على الظرف لأنهما مضافان إلى الوقت كقولك أقمت عنده جميع النهار وأتيته نصف النهار وأوله وآخره.
تنصب هذا كله على إعطاء المضاف حكم المضاف إليه ﴿ إِنَّ الْحَسَنَـاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّـاَاتِ ﴾ [هود : ١١٤-٨٤] إن الصلوات الخمس يذهبن الذنوب وفي الحديث " إن الصلوات الخمس تكفر ما بينها من الذنوب " أو الطاعات.
قال عليه السلام :" أتبع السيئة الحسنة تمحها " أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ﴿ ذَالِكَ ﴾ إشارة إلى فاستقم فما بعده أو القرآن ﴿ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود : ١١٤] عظة للمتعظين نزلت في عمرو ابن غزية الأنصاري بائع التمر قال لامرأة في البيت تمر أجود فدخلت فقبلها فندم فجاءه حاكياً باكياً فنزلت فقال عليه السلام :" هل شهدت معنا العصر " قال : نعم.
قال :" هي كفارة لك " فقيل أله خاصة قال :" بل للناس عامة " ﴿ وَاصْبِرْ ﴾ على امتثال ما أمرت به والانتهاء عما نهيت عنه فلا يتم شيء منه إلا به ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود : ١١٥] جاء بما هو مشتمل على جميع الأوامر والنواهي من قوله فاستقم إلى قوله واصبر وغير ذلك من الحسنات
٢٩٨
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٩٨


الصفحة التالية
Icon