بمعنى مع أي رأيت الكواكب مع الشمس والقمر وأجريت مجرى العقلاء في ﴿ رَأَيْتُهُمْ لِى سَـاجِدِينَ ﴾ [يوسف : ٤] لأنه وصفها بما هو المختص بالعقلاء وهو السجود وكررت الرؤيا لأن الأولى تتعلق بالذات والثانية بالحال أو الثانية كلام مستأنف على تقدير سؤال وقع جواباً له كأن أباه قال له كيف رأيتها فقال : رأيتهم لي ساجدين أي متواضعين وهو حال وكان ابن ثنتي عشرة سنة يومئذ وكان بين رؤيا يوسف ومصير إخوته إليه أربعون سنة أو ثمانون
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٣
﴿ إِنَّ الْحَسَنَـاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّـاَاتِ ﴾ [البقرة : ٣٣-٣١] بالفتح حيث كان حفص ﴿ لا تَقْصُصْ رُءْيَاكَ ﴾ [يوسف : ٥] هي بمعنى الرؤية إلا أنها مختصة بما كان منها في المنام دون اليقظة وفرق بينهما بحر في التأنيث كما في القربة والقربى ﴿ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ ﴾ [يوسف : ٥] جواب النهي أي أن قصصتها عليهم كادوك عرف يعقوب عليه السلام إن الله يصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين فخاف عليه حسد الإخوة وإنما لم يقل فيكيدوك كما قال فيكدوني لأنه ضمن معنى فعل يتعدى باللام ليفيد معنى فعل الكيد مع إفادة معنى الفعل المضمن فيكون آكد وأبلغ في التخويف وذلك نحو فيحتالوا لك ألا ترى إلى تأكيده بالمصدر وهو ﴿ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَـانَ لِلانسَـانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ [يوسف : ٥] ظاهر العداوة فيحملهم على الحسد والكيد ﴿ وَكَذالِكَ ﴾ ومثل ذلك الاجتباء الذي دلت عليه رؤياك ﴿ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ﴾ [يوسف : ٦] يصطفيك والاجتباء الاصطفاء افتعال من جبيت الشيء إذا حصلته لنفسك وجبيت الماء في الحوض جمعته ﴿ وَيُعَلِّمُكَ ﴾ كلام مبتدأ غير داخل في حكم التشبيه كأنه قيل وهو يعلمك ﴿ مِن تَأْوِيلِ الاحَادِيثِ ﴾ [يوسف : ١٠١] أي تأويل الرؤيا وتأويلها عبارتها وتفسيرها وكان يوسف أعبر الناس للرؤيا أو تأويل أحاديث الأنبياء وكتب الله وهو اسم جمع للحديث وليس بجمع أحدوثة ﴿ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى ءَالِ يَعْقُوبَ ﴾ [يوسف : ٦] بأن وصل لهم نعمة الدنيا بنعمة الآخرة أي جعلهم أنبياء في الدنيا وملوكاً ونقلهم عنها إلى الدرجات العلى في الجنة وآل يعقوب أهله وهم نسله وغيرهم وأصل آل أهل بدليل تصغيره على أهيل إلا أنه لا يستعمل إلا فيمن له خطر يقال آل النبي وآل الملك ولا يقال آل الحجام ولكن أهله وإنما علم يعقوب أن يوسف يكون نبياً وإخوته أنبياء استدلالاً
٣٠٤
بضوء الكواكب فلذا قال وعلي آل يعقوب ﴿ كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ ﴾ [يوسف : ٦] أراد الجد وأبا الجد ﴿ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَـاقَ ﴾ [يوسف : ٦] عطف بيان لأبويك ﴿ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف : ٦] يعلم من يحق له الاجتباء ﴿ حَكِيمٌ ﴾ يضع الأشياء في مواضعها
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٤